في الأيام الأخيرة، سُرّبت معلومات بأن مصرف لبنان سيصدر قراراً يوقف بموجبه تحويل الدولارات إلى البعثات الدبلوماسية اللبنانية في الخارج، قبل أن تسدّد الحكومة قيمتها وفق سعر «صيرفة»، أي نحو 14 ضعفاً مما هي عليه اليوم.
طوال الفترة الماضية، كانت التحويلات الخارجية للدولة اللبنانية تتمّ كالمعتاد، أي تُحوّل بأمر من وزارة الخارجية وبموافقة المسؤولين عن عمليات الصرف، من حساب الخزينة إلى حساب مصرف لبنان، المبالغ المرصودة لتسديد نفقات البعثات الدبلوماسية وسائر النفقات الخارجية. ويتولى مصرف لبنان تحويل هذه المبالغ بحسب سعر الصرف الرسمي (1507.5 ليرات للدولار). لكن، يبدو أن مصرف لبنان قرّر، بالاتفاق مع وزير المال، الانتقال من السعر النظامي المعتمد في الموازنة إلى سعر منصّة «صيرفة». وأثارت بلبلة في وزارة الخارجية وبين العاملين في السلك الدبلوماسي، باعتبار أن الاعتمادات المرصودة لا تكفي لتغطية تعديل كبير كهذا، كما أنه لم يصدر قانوناً عن الموازنة أيّ تعديل في سعر الصرف الذي تعتمده الدولة اللبنانية، فيما المصرف المركزي هو مصرف الدولة ويفترض أن يؤمن العملات الأجنبية لها. أضف إلى ذلك أنه في حال اعتُمد سعر «صيرفة»، سينخفض راتب الدبلوماسي الذي يتقاضى 10 آلاف دولار شهرياً (15 مليون ليرة) إلى نحو 800 دولار فقط.
وبحسب مصادر الخارجية، فإن القرار، في حال دخوله حيّز التنفيذ، ينطوي على رسالة مفادها أنه «بات بإمكان الدبلوماسيين اللجوء إلى الفساد للحفاظ على قدراتهم التشغيلية، أو الاستقالة وإقفال البعثات في الخارج». فموازنة وزارة الخارجية هي 80 مليون دولار في السنة، «ولنفترض أنّ نصفها، أو حتى 50 مليون دولار منها، مُخصّصة لتغطية النفقات الخارجية، فهل يصعب على من يقول إنّ لديه توظيفات إلزامية بـ 14 مليار دولار تأمين 50 مليون دولار سنوياً؟». لا تُنكر المصادر وجود حاجة «لوضع خطة تقشّف داخل الوزارة، وحالياً ندرس خفض بدلات الاغتراب بين 20% و30%، وهي نسبة مرتفعة أساساً. ويأتي ذلك بعدما عمل الدبلوماسيون على تغيير عقود إيجارات المقار الدبلوماسية والحصول على أسعار أدنى أو تبديل أماكن سكنهم.
حالياً يتراوح سعر «صيرفة» بين 17 ألف ليرة و19 ألفاً للدولار. وهي منصّة غير شفافة، أي أن أسس التسعير المعتمدة فيها غير واضحة، لا لجهة عمليات البيع أو عمليات الشراء أو لمن تذهب الدولارات، ومن هم المتداولون على هذه المنصّة وسائر المعلومات المماثلة التي تبقى مغفلة. لكن ما بات واضحاً هو أن سلامة يسعى إلى إسباغ شرعية ما على هذه المنصّة لأنها لم تستطع، حتى الآن، أن تستحوذ، كحدّ أقصى، على أكثر من ثلث عمليات الصرافة الجارية في لبنان.