لا يختلف إثنان على أن إقرار قانون “الكابيتال كونترول” قد تأخّر كثيراً، كما يُجمع الخبراء والمواكبون على النقاش في مشروع هذا القانون، على أنه أولوية، ولكن شرط تزامنه مع مجموعة خطوات وتشريعات إصلاحية، كي لا يتحوّل “الكابيتال كونترول” إلى مجرّد سلاح لإطلاق رصاصة الرحمة على الإقتصاد اللبناني.
كان من المفترض إقرار قانون لتجميد وحماية العملات الأجنبية في القطاع المصرفي، خلال ساعات معدودة بعد اندلاع ثورة 17 تشرين في العام 2019، لكن تأخيره إلى العام الحالي، ومن دون أن تكون هناك اتجاهات لإقراره في الفترة الراهنة، يُنذر بتحويله إلى “لزوم ما لا يلزم”، وبالتالي، أن يؤدي لنتائج معاكسة للمطلوب منه، وخصوصاً بالنسبة لتسريع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
والأخطر من كلّ ما تقدّم، وفق ما تكشف مصادر إقتصادية مطلعة ل”ليبانون ديبايت”، هو أن إقرار “الكابيتال كونترول”، لن يوقف تهريب الأموال إلى الخارج، والذي سيتواصل من خلال عدة عمليات تجارية ومالية تجري بشكلٍ يومي، وذلك، من خلال استيراد البضائع الذي يتمّ بالعملات الصعبة من لبنان، ثم تحويلها إلى دول أخرى حيث تُباع نسبة تتجاوز الخمسين بالمئة منها في الخارج، على أن يتمّ إيداع الأموال عندها في حسابات مصرفية في الخارج، فيكون المسؤولون عن هذه العمليات، قد نجحوا في مواصلة تهريب الأموال، على الرغم من القانون المذكور.
ولا تتوقّع هذه المصادر الإقتصادية، أن تتمكن اللجان النيابية من التوافق على صيغة نهائية ل”الكابيتال كونترول” وإقراره في موعدٍ قريب، مشيرةً إلى أن السلطة السياسية تسعى إلى شراء المزيد من الوقت، علماً أن التأخير قد أدى إلى تذويب إحتياطي العملات الأجنبية من القطاع المصرفي، على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، واستمرار هذا النزيف عبر عدة طرق حتى اليوم، ومن أبرزها التهريب.
وفي هذا السياق، تكشف المصادر الإقتصادية، أن إقرار قانون “الكابيتال كونترول” من دون مجموعة مقرّرات مالية، سيشكّل مخالفةً للقانون، لأن الدستور اللبناني ينصّ على أن الإقتصاد اللبناني هو اقتصاد حرّ، ولكن من جهة أخرى، يتمّ إقرار قانون يقيّد حركة السحوبات المالية وتحويل الأموال، وبالتالي يناقض مبدأ الإقتصاد الحرّ.
وعليه، فإن ما تقوم به هذه السلطة، كما تشير هذه المصادر، هو التفتيش عن “تبييض” صفحتها مع اللبنانيين ومع صندوق النقد، وعلى قاعدة “عفا الله عمّا مضى”، أي على الإنهيار المالي وسقوط الليرة وضياع ودائع ومدّخرات اللبنانيين. لكنها تستدرك بالتأكيد على أن “الكابيتال كونترول” لن يقرّ، وحتى ولو أقرّه المجلس النيابي وفق الصيغة الحالية، فهو لن يحظى بموافقة صندوق النقد.