ذكّرت جمعية المصارف في بيانها الاخير الدولة بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف، مطالبة بتنفيذ القانون الذي تعاملت المصارف على أساسه مع مصرف لبنان، على ان تستند اليه لوضع خطّة عملية لتنفيذ التزاماتها القانونية، لتغطية الخسائر المسجّلة في ميزانية مصرف لبنان. فما هي هذه المادة؟ ولماذا استفاقت المصارف عليها الآن؟ وهل يمكن لتطبيقها ان يشكّل خارطة طريق نحو استعادة الودائع وعودة الاقتصاد إلى التعافي؟
مستعينةً بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف، تكون المصارف قد غيّرت من طريقة تعاطيها مع الأزمة المالية. فهذا البند يحمّل الدولة مسؤولية في تسديد الخسائر التي يُمنى بها المصرف المركزي. ومما جاء في حرفيته: «إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزاً، تُغطّى الخسارة من الاحتياط العام، وعند عدم وجود هذا الاحتياط او عدم كفايته، تُغطّى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة». تختصر هذه المادة واقع الحال اليوم، وتحدّد المسؤوليات المتوجبة على الدولة في حالة وقوع مصرف لبنان بعجز.
وفي السياق، يقول خبير في القانون المصرفي لـ»الجمهورية»، انّه ربما أخطأت المصارف لأنّها لم توضح للمودعين حقيقة ما حصل، وأدّى إلى الأزمة المالية، والأسباب الكامنة وراء الإجراءات التي اتخذتها خلال هذه الفترة، انما لا بدّ من القول، انّ اي مصرف يقرّر ان يضع إيداعاً في مصرف لبنان فهو لا ينظر فقط إلى كونه البنك المركزي، انما يقيّم مخاطره وكل ما يمكن ان يشكّل نوعاً من الضمانة لتخفيض المخاطر، ومن هذه الضمانات الرئيسية، انّه إذا ما حصل أي عجز في مصرف لبنان، على الدولة اللبنانية حسب المادة 113 من قانون النقد والتسليف ملتزمة تغطية العجز. وأكّد انّ هذا البند ليس مطروحاً فقط في لبنان، انما في كل المصارف المركزية في العالم، حيث تعمد الدولة إلى تغطية خسارتها. على سبيل المثال، سجّل المصرف المركزي السويسري أخيراً عجزاً بقيمة 132 مليار دولار، الّا انّ أحداً لم يتهم المصارف او يحمل عليها، لأنّها وضعت اموالها في المركزي السويسري، لأنّ العودة إلى المركزي هو أمر بديهي.
ويقول الخبير المصرفي: «في عملية تقييم المخاطر، يُعتبر الإيداع في المصرف المركزي من الأسلم لناحية تثقيل المخاطر، لذا توجّهت جمعية المصارف في بيانها الاخير إلى الدولة اللبنانية، طالبة تغطية الخسائر المسجّلة في ميزانية مصرف لبنان، مع التشديد على انّ هذا الطلب ليس مِنّة او هدية، انما هو واجب نصّ عليه القانون، والذي على أساسه تعاملت المصارف مع مصرف لبنان».
ورداً على سؤال، أكّد، انّه استناداً إلى النص القانوني، على الدولة ان تسدّد العجز في ميزانية مصرف لبنان، ولا يمكنها ان تتنصّل من مسؤوليتها القانونية في ذلك، مع التشديد على انّ الدولة غير مفلسة، لأنّ الدول لا تفلس. الدولة غنية بمواردها وتملك مجموعة من الحقوق والإمكانيات كسلطة عامة، فهي تملك صلاحيات استثنائية، أما من خلال إعطاء تراخيص استثمارية مثل اعطاء رخصة بمطار جديد او في المرفأ، عدا عن امتلاكها لقطاعات حيوية منتجة للإيرادات مثل الكهرباء والخليوي وغيرها. لكن المشكلة تكمن في سوء الادارة والفساد الذي يجعل من هذه القطاعات خاسرة.
وأكّد أن ليس مطلوباً من الدولة اليوم ان تبيع مواردها، انما الأهم عدم إيهام الناس انّها فقيرة وعاجزة، والمطلوب فقط تحسين ادارة القطاعات المنتجة للموارد وتسليمها لإدارة خاصة وليس عامة، على غرار كل دول العالم.
ورداً على سؤال، ذكّر انّه عندما حصلت الأزمة كان يملك مصرف لبنان 34 مليار دولار، وكان حجم ديون القطاع الخاص للمصارف 55 ملياراً بما يصل مجموعه الى 89 مليار دولار، الّا انّه باستخدام مصرف لبنان لهذه الاموال من اجل دعم سلع هُرّبت من لبنان، ولولا انّ المحاكم فرضت على المصارف ان تقبض ديونها وفق دولار 1500 ليرة، لأمكن اليوم ردّ كامل اموال المودعين.