قرر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، أمس (الأربعاء)، رفع سعر الفائدة الرئيسي لليلة واحدة 25 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 4.75 في المائة و5 في المائة. وذلك بعد قرابة أسبوعين من الاضطرابات في الصناعة المالية، وسط ترقب وقلق من الأسواق المالية حول القرار الذي سيتخذه «الفيدرالي»، والذي عدته دوائر اقتصادية عدة خطوة محورية توكد إصرار «الفيدرالية» على مواجهة التضخم رغم الفوضى في القطاع المصرفي الأميركي.
وأشار «الفيدرالي» إلى أنه على وشك التوقف مؤقتاً عن رفع أسعار الفائدة في ظل الاضطرابات الأخيرة في الأسواق المالية والتي حفزها انهيار بنكين أميركيين. مشيراً إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً، وإجراءات خفضه ستستغرق وقتاً طويلاً، لكن النظام المصرفي «سليم ومرن».
رغم ذلك، قال البنك: إن التطورات الأخيرة التي شهدها القطاع المصرفي، تؤثر على نمو الاقتصاد ككل. مؤكداً أن أموال المودعين في الولايات المتحدة «بأمان»، غير أنه أشار إلى أن «مشاكل البنوك الفردية يمكن أن تهدد النظام المصرفي إذا لم يتم التعامل معها».
كان «الفيدرالي» الأميركي قد رفع الفائدة 50 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في أعقاب 4 زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة، ليصل حالياً إلى نطاق 4.75 – 5 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.
وبهذا القرار، الذي عدته مجموعة «سي إم إي» المالية، «زيادة معتدلة» بمقدار ربع نقطة مئوية، يكون الاحتياطي الفيدرالي، قد اختار التريث في معالجة التضخم، بعدم رفع سعر الفائدة بوتيرة أكبر وأسرع؛ وذلك للحفاظ عدم تفاقم الصعوبات والتحديات التي تواجه القطاع المصرفي العالمي.
وعززت على الفور مؤشرات الأسهم الأميركية مكاسبها، بعد قرار «الفيدرالي»، في حين انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قوته أمام سلة من العملات بنسبة 0.5 في المائة إلى 102.75 نقطة.
أشارت أحدث البيانات الاقتصادية الرسمية، إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين العام في الولايات المتحدة واصل انخفاضه في فبراير (شباط) ليصل إلى 6 في المائة، وهو الأدنى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 بعدما كان بلغ 6.4 في المائة في يناير (كانون الثاني). إلا أن التضخم الأساسي الذي يستثني الوقود والغذاء، والذي يعدّه الاقتصاديون مؤشراً أفضل لمستوى الأسعار الحقيقي من معدل التضخم العام، ارتفع في فبراير بأعلى وتيرة، مسجلاً 5.5 في المائة على أساس سنوي.
وتراجعت توقعات رفع أسعار الفائدة في السوق بشكل كبير، بعد انهيار 3 بنوك متوسطة الحجم في الولايات المتحدة، بجانب بنك «كريدي سويس» السويسري، الذي يعدّ من أكبر المصارف الأوروبية.
وأثار انهيار مصرفي «سيليكون فالي بنك» (إس في بي) و«سيغنيتشر بنك وسيلفرغيت»، موجة من القلق. وتدخلت حكومات وبنوك مركزية وهيئات ناظمة بشكل عاجل لمحاولة استعادة الثقة في القطاع المصرفي لتجنب انتشار الهلع.
وأقرض الاحتياطي الفيدرالي نحو 164 مليار دولار لمصارف أميركية في أيام قليلة، بحيث يمكن لأي عميل يريد سحب أمواله القيام بذلك، بالإضافة إلى 142.8 مليار دولار للكيانين اللذين أنشأتهما الهيئات الناظمة الأميركية التي ستخلف المصرفين المفلسين.
وعلى عكس مكافحة التضخم التي يقودها بنك الاحتياطي الفيدرالي، زادت هذه القروض من ميزانيته العمومية بمقدار 297 مليار دولار والتي كان يحاول خفضها منذ يونيو (حزيران)؛ مما يجعل «المركزي» الأميركي في وضع صعب.
وعلى الفور، رفعت البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة؛ نظراً لارتباط عملاتها بالدولار، وقال البنك المركزي السعودي: إنه قرر رفع أسعار الفائدة الأساسية 25 نقطة أساس، ليصل سعر إعادة الشراء (الريبو) وسعر إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) إلى 5.5 في المائة و5 في المائة على التوالي.
كما رفع «المركزي» البحريني سعر الفائدة على الإيداع للشهر 25 نقطة أساس، وقال مصرف قطر المركزي أيضاً: إنه رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس اعتباراً من اليوم (الخميس)، على الإيداع وسعر فائدة الإقراض وسعر فائدة إعادة الشراء (الريبو) 25 نقطة أساس إلى 5.25 في المائة و5.75 في المائة و5.5 في المائة على التوالي.