إستقراض أم وضع يد… ومصادرة ما تبقّى من أموال المودعين؟

اكد الدكتور وسيم منصوري في المؤتمر الصحافي الذي عقده بمناسبة تسلمه مهام حاكم مصرف لبنان لحين تعيين حاكم اصيل بأنه لن يتمّ صرف اي تمويل للحكومة على الإطلاق خارج قناعاته وبدون الإطار القانوني.لكنه استدرك لاحقاً وقال انه سيتسامح هو وزملاؤه بتسليف الدولة جرياً على النهج السابق، لفترة انتقالية قصيرة واخيرة وبموجب قانون يصدر عن المجلس النيابي ومن ضمن اقرار الاخير رزمة القوانين الاصلاحية المطلوبة وهي: قانون الكابيتال كونترول، قانون اعادة هيكلة المصارف، قانون اعادة التوازن المالي اضافة الى قانوني الموازنة لعامي 2023 و 2024 اللذين يجب اصدارهما ضمن المهلة الدستورية.

شروط منصوري

واشترط ان يخصص القانون الذي سيجيز الاقتراض من مصرف لبنان لتمويل احتياجات ملحة مثل دفع رواتب القطاع العام لتنشيط الادارة وزيادة انتاجيتها وتأمين الدواء. وان يكون لوقت محدد وان يكون استرداده وفق آليات فعلية وواضحة وليس وفق كلام إنشائي أو نظري، وأن تكون الحكومة الجهة الصالحة لتحديد حجم الأموال التي ستقترضها، اي أن مصرف لبنان لن يملي على الحكومة حاجتها.

واقترح ان يكون الصرف خلال الفترة الانتقالية القصيرة بتعاون قانوني متكامل بين البرلمان والحكومة والمصرف المركزي يكفل اعادة الاموال، مشدداً على عدم جواز المسّ بالتوظيفات الإلزاميّة بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان تحت أيّ مسمى أو ذريعة وهي البقيّة القليلة الباقية من أموال المودعين، وعلى ان الحلّ الحقيقي يكمن في إصلاح المالية العامة، فالمسألة ليست نقديّة والحلّ ليس في البنك المركزي إنّما في السياسة المالية للحكومة.

أمام النواب

وكان الدكتور منصوري قد صرح امام لجنة الادارة والعدل باسمه وزملائه عن نواياهم بوقف الإنفاق من التوظيفات الالزامية، إلا إذا قرّرت الحكومة ومجلس النواب عكس ذلك، أي إلا إذا صدر قانون يتيح الانفاق. وذكر أن حجم التوظيفات كان يبلغ 20 مليار دولار عند استلامهم مواقعهم الوظيفية في نيابة الحاكم، وبعد إنفاق ثلاثة مليارات دولار سجّلوا اعتراضهم على هذه السياسة التي كانت تستنزف الدولارات التي يملكها مصرف لبنان. واوضح سبب الاستنزاف بأن المجلس المركزي هو هيئة تقريرية غير تنفيذية، وأن الحاكم سلامة دأب على تنفيذ سياسات تعارض توصيات المجلس وتوجهاته.

مسودة الحكومة

بعد ساعات من المؤتمر الصحافي تم تداول مسودة مشروع قانون ذكر انها من اعداد الامانة العامة لمجلس الوزراء تضمنت، عملاً بالاتفاق الذي تم التوصل اليه بين نواب الحالكم ورئيس الحكومة، الاجازة للحكومة اللبنانية الاقتراض بالعملات الاجنبية من مصرف لبنان ومن التوظيفات الالزامية لديه تحديداً مبلغاً ترك مقداره ومدته للنقاش، على ان تكون هناك امكانية لتجديده لمرة واحدة وان تتم اعادة المبلغ المقترض خلال مدة 18 شهراً (بدون تحديد تاريخ بداية السداد ) من مداخيل الدولة او من نتيجة تدخلات مصرف لبنان في السوق بائعاً ومشترياً العملات الاحنبية (من دون ايضاح لكيفية فك الارتباط مع مقتضيات المادة 115 نقد وتسليف). ويمكن لمصرف لبنان تعليق القرض او ايقافه في حال تبين عدم الالتزام باقرار القوانين الاصلاحية (دون توضيح ما اذا تعلق الامر بالمضمون الاصلاحي للقوانين ام فقط بالتواريخ المحددة لاقرارها).

إعتراض الشامي

مشروع القانون انتقده نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وحجته ان اضافة مبلغ قيمته حوالى المليار دولار، وهو المبلغ الذي يتم التداول بانه سيكون قيمة القرض المطلوب لمدة 6 اشهر، على الدين العام هي زيادة كبيرة اذ تبلغ حوالى 6% من الناتج المحلي الاجمالي. وهناك شبه تأكيد انه لن تكون هناك امكانية لرد المبلغ من ايرادات الموازنة السنوية المقدرة بمليار وثمانماية مليون دولار. وفي حال تعذر الرد فسيكون الامر على حساب المودعين، علماً ان دعم الاجور في القطاع العام ليس من مهام السلطة النقدية، فكيف اذا كان هذا الدعم من اموال ليست لها؟

ميقاتي يتهرّب

الرئيس ميقاتي بعد توزيع مسوّدة مشروع القانون، عاد ورمي الكرة في مرمى مجلس النواب داعياً نواباً منه إلى المبادرة بتقديم اقتراح القانون الذي يجيز للحكومة الاقتراض من مصرف لبنان متنصلاً من الوعد الذي قطعه لنواب الحاكم بتسريع إعداد مشروع قانون خاص لتغطية التمويل من الاحتياطي الإلزامي. وفي إطار الضغط على النواب من أجل تشريع اقتراض الحكومة صرح أنه «مع نهاية هذا الشهر لا نستطيع تأمين الدواء ولا الرواتب بالعملة الأجنبية ولا نستطيع القيام بالعمل اللازم للاستقرار النقدي، وبالتالي هذا الأمر لا يهمّ الحكومة وحدها بل يعني مجلس النواب وجميع اللبنانيين، وعلى الجميع العمل كورشة واحدة لإنقاذ البلد. فالحكومة لا تستطيع أن تصدر قانوناً ولكن يمكن أن تطلب من المجلس النيابي السعي الجدي لقبول اقتراح قانون وإقراره في أسرع وقت ممكن».

وقد تذرع ميقاتي في انحرافته بالمادة الرابعة من مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء التي تنصّ على وجوب إرسال مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية قبل أسبوع على الأقل من مناقشتها في مجلس الوزراء وايضاً برأي بعض الوزراء بان حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها تقديم مشاريع قوانين.

وكان الرئيس ميقاتي قد طلب راي «مجلس شورى الدولة» بموضوع اقتراض الحكومة من مصرف لبنان فاتي جواب الاخير سلبياً. لان شروط الاستقراض المنصوص عنها في المادة 91 من قانون النقد غير متوافرة والقانون يلزم مصرف لبنان بضرورة استعمال كل الوسائل القانونية المتاحة لتأمين المال للدولة عبر وسائل مختلفة غير الاقتراض منه بحيث يكون الملجأ الأخير الذي لا يُقرض الدولة إلا عند فقدان الأمل نهائياً بإمكانية وجود مصدر آخر للتمويل أو بإمكانية الاستغناء عن القرض عن طريق خفض النفقات العامة أو إيجاد موارد ذاتية جديدة للدولة.ليس ملزماً

لكن، حتى لو توافرت كلّ هذه الشروط، فمصرف لبنان ليس ملزماً بإقراض الدولة بل إنه مستقلّ تماماً في قراره لأن المادة 91 تذكر حرفياً «يُمكن» للمصرف المركزي أن يمنح القرض وليس «عليه» أن يمنح القرض. وفقط في حالة «الظروف الإستثنائية الخطورة او الضرورة القصوى» على ان لا تزيد مدّة القرض عن عشر سنوات. ويجب ان يكون هناك عقد توقّعه الحكومة والمصرف، يُحال مع مستنداته وتقاريره إلى مجلس النواب كي يُصدّقه عملاً بالدستور الذي حظّر في المادة 88 أن تُرتّب الحكومة على نفسها أي التزام إلا بقانون. الى ذلك أجاز المشرّع اللبناني للبنك المركزي شراء وبيع وحسم أدوات الدين الحكوميّة ضمن عمليّات السوق المفتوحة، وبهدف التأثير على السيولة وليس بقصد إقراض الدولة بالسوق الاولية. كما اجاز له منح تسهيلات صندوق للخزينة لتسديد التزامات جارية لا لتمويل نفقات ثابتة أو مشاريع لا تتعدى قيمتها 10% من متوسط واردات الخزينة في السنوات الثلاث الماضية المقطوعة حساباتها ولمدة لا تتجاوز الاربعة اشهر، ولا يمكن استعمال التسهيلات المذكورة الا مرة واحدة في السنة.

رد أوساط بري

رمي ميقاتي كرة استقراض الحكومة من مصرف لبنان في مرمى مجلس النواب فاحرج الرئيس بري الذي اصر على أن الحكومة هي من يجب أن تؤمّن الحماية القانونية لنواب الحاكم. وقال ان المجلس النيابي لا يتخلى عن دوره لكنه لا يأخذ دور سواه ولا يمانع في إقرار الإقتراض من مصرف لبنان عندما يصل الى المجلس مشروع قانون بذلك، عندئذٍ يقر باقتراح قانون. بيد أن ذلك يوجب إحالة المشروع من الحكومة أولا. ولفت بري الى أن مجلس النواب لا يملك أن يقدم تعهدات نيابة عن الحكومة باعادة ما تقترضه هي من مصرف لبنان لأنها هي المقترض، وهي من يفترض أن تقدّم تعهداً والتزاماً له برد ما ستنفقه. ووصف موقف الحكومة بأنه «أول علامة سلبية» في تعاطيها مع نائب حاكم مصرف لبنان في اليوم الأول لبدء عمله.

عراقيل أمام التصويت

اياً كانت صيغة مشروع قانون الاجازة للحكومة بالاستقراض فان هناك اشكالات عملية بخصوص التصويت عليه. فهناك كتل ترفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي وستقاطع الجلسة، وهناك كتل تضع شروطاً لحضور جلسات المناقشة والتصويت، وهناك من يحاذر الموافقة على تغطية الإقتراض من الإحتياطي الالزامي إن من داخل الحكومة أو مجلس النواب حتى لا يتّهمه المودعون بأنه أخذ منهم ما تبقّى من ودائع مع عدم وجود ضمانات جدية من الحكومة لإعادتها، وشرّع التمديد لكل سياسات رياض سلامة السابقة. واكثر المحرجين سيكونون الذين لم ينفكوا عن رفع شعار «الودائع قدس الاقداس».

إدمون نعيم

التجاذب القانوني حول الاجازة للحكومة بالاقتراض من مصرف لبنان ليس جديداً. وقد تصاحب في بعض الاحيان في الماضي بتشنجات قوية من قبل الفريقين المعنيين. وابرز ما يمكن استعادته في هذا المضمار تصدي الحاكم الاسبق الدكتور ادمون نعيم لضغوطات قوية ومتنوعة وحتى جسدية من السلطة للحصول عل التمويل القسري من مصرف لبنان لعدد من احتياجاتها. وقد وصل الامر الى توصل الاخيرة الى حشد اغلبية نيابية تمكنت من استصدار قانون للاستقراض من مصرف لبنان بعدة مليارات من الليرات اللبنانية. وقد اعلن الامر بزهو وزير المالية آنذاك جوزيف الهاشم للصحافيين من على درج قصر منصور حيث عقدت الجلسة النيابية التي اقرت القانون المذكور. امر اغاظ الحاكم نعيم، فسطر فوراً بياناً ارسله الى الوكالة الوطنية للانباء ليتم تداوله مساء ساعة الذروة بالتزامن مع خبر القانون الذي تمت الموافقة عليه، اوضح فيه ان مصرف لبنان شخص من اشخاص القانون العام يتمتع بالشخصية القانونية المستقلة حسب المادة 13 من قانون انشائه ولا يجوز لاي كان مطالبته بما لا يتوافق مع النصوص والاحكام التي ترعى عمله. وشدد على ان اقراض مصرف لبنان لا تراعى فيه فقط الاحكام القانونية ذات الصلة التي ترعى التمويل بل ايضا امور اخرى تتعلق بالسياسة النقدية اي تأثير السيولة التي سيتم ضخها في السوق نتيجة التمويل المطلوب. وقد شرح لاحقاً في عدد مقابلات صحافية ان الامر ينسحب ولذات السبب على التمويل المطلوب من مصرف لبنان في موضوع تقسيط ديون التجار وغيره.

المحرك الأساسي للنقاش

المحرك الاساسي للنقاش على الاخص من جهة نواب الحاكم واضح واومى اليه الدكتور منصوري في مؤتمره الصحافي، وهو تأمين غطاء قانوني لهم للانفاق من التوظيفات الالزامية بالعملات المتبقية لدى مصرف لبنان وهي اموال تخص المودعين بالنهاية. وذلك دفعا لاي انتقاد او هجوم قد يتعرضون لهما كاللذين تعرض لهما الحاكم السابق سلامه لتبديده الجزء الاكبر من هذه الاموال، لا بل ايضا تحوطاً من اي ملاحقة قانونية شخصية قد تثار في حال الاستمرار في الانفاق من التوظيفات الالزامية على اساس «الانحراف الخطير عن مقتضيات الحيطة والدقة في الاداء «، وهو المعيار الذي وضعته محكمة العدل الاوروبية في قرارها الصادر بتاريخ 13 ايلول 2022 بقضية المصرف المركزي السلوفيني Banka Slovenje لتحديد المسؤولية القانونية للقيمين على امور المصرف المركزي عن سوء ادارتهم.

القواعد العامة

جدير بالذكر ان القواعد العامة التي ترعى اقراض المصارف المركزية لحكوماتها تقضي بان يتم الامر بالعملة الوطنية وفي حال الحاجة الى العملة الاجنبية تعود الاخيرة الى المصرف المركزي لتأمين شراء الاخيرة من الاسواق. اما المطلوب في لبنان فهو مختلف حسب ما يظهر من السطر الاول للمادة الاولى من مشروع قانون الاستقراض المعد من قبل امانة سر مجلس الوزراء. اذ ذكر صراحة ان الاجازة للحكومة بالاقتراض هي بالعملات الاجنبية من مصرف لبنان وبالتحديد من التوظيفات الالزامية لديه بحيث يبدو الامر اقرب الى عملية مصادرة او استملاك لهذه التوظيفات لا عملية استقراض.

لماذا الإحتياطيات؟

ايضا يتبين من الرجوع الى المؤلفات القانونية الصادرة في موضوع الاحتياطيات الالزامية واهمها كتاب La politique des réserves obligatoires لصاحبه Remi Jecquier ان غايات عدة ومتنوعة تم توخيها منذ البداية من تكوين هذه الاحتياطيات: اداة ضمان للمودعين ( USA، المانيا، السويد)، عدم جواز الاستثمار من الاحتياطي الالزامي كلياً او جزئياً ولو في سندات خزينة (هولندا)، عدم جواز ادراج الاحتياطي الالزامي ضمن نسب السيولة المفروضة على المصرف التجاري (USA) وعدم تماهي الاحتياطي الالزامي المطلوب من المصارف تكوينه لدى المصرف المركزي والاحتياطيات النقدية réserves monétaires للمصرف المركزي (هولندا)… و الانسجام بين السيولة المصرفية وحجم التسليف الذي تستطيع المصارف ان تضعه تحت تصرف الإقتصاد، وبين مهمة مصرف لبنان العامة والتي هي المحافظة على سلامة النقد واوضاع النظام المصرفي والاستقرار الاقتصادي (لبنان – المادة 76 نقد وتسليف)

ومن التدقيق باستعمالات الاحتياطيات التي تكونت في مصرف لبنان الزامياً او بتوظيفات حرة بتحوير للقانون وسنداً للبند (و) من الفقرة(د) من المادة 76 من قانون النقد والتسليف يتبين تنوعها في تأمين ثبات القطع وتلبية احتياجات الدولة، وهذا ما قاد الى الكارثة التي نحن فيها.

ويأتي مشروع القانون المطروح بالاستقراض من الاحتياطي الالزامي بالسياق ذاته لكن بغطاء قانوني يشرعن ظاهرياً الاستعمال. فاموال الاحتياطي الالزامي تكونت تحت عنوان المادة 76 نقد وتسليف ولاهداف حددها هذا العنوان كما سبق الذكر، وهو لا يتضمن لا من قريب او بعيد تمويل احتياجات الدولة انّى صفة اتخذت اعتيادية او ملحة.

ومشروع القانون اذا اقر سيكون من قبيل التحريف الذي ترتكبه السلطة التشريعية تماماً كما فعلت السلطة النقدية، اي مصرف لبنان، وسيكون بالتأكيد عرضة للابطال من قبيل المجلس الدستوري عند الطعن به امامه.

الخلاصة 

يذكر الاقتصادي الشهير Milton Friedman ان لا وجود بالنهاية لاستقلالية حقيقية لاي مصرف مركزي. فهذا الاخير سيتراجع حتما بالنهاية لصالح السلطات المالية الجاهدة لتجميع الاموال التي تحتاجها وكيف الحال اذا كانت هذه الاموال لاحتياجات ملحة.

Je doute beaucoup que les Etats Unis ou n’importe quel pays aient jamais fait fonctionner une banque centrale indépendante.au plein sens du terme. Dès qu’un conflit sérieux apparaissait qui opposait les intérêts des autorités budgétaires désireuses de collecter des fonds et ceux des autorités monétaires attachées à maintenir la convertibilité en espèces. C’est presque toujours la banque centrale qui a cédé le pas et non l’inverse. Il apparait donc que mêmes les banques centrales jugées tout à fait indépendantes ont été étroitement subordonnées au pouvoir exécutif.

هذا القول يصدق لظروف استثنائية ضاغطة وموقتة لكن لا يصلح ابداً لكل الاوقات لتغطية عجوزات الموازنة كما حصل في لبنان طوال ولاية الحاكم السابق سلامة. والا من الافضل عندها اغلاق ابواب المصرف المركزي وتحويل نشاطه الى دائرة الاصدار لدى وزارة المالية كما يقول الاقتصادي Maurice Allais.

ان ساعة اعلان الحقيقة ومجابهتها قد حلت. والبداية بمصارحة واضحة لكافة المسؤولين السياسيين ومسؤولي الامر الواقع بواقع التشابك الذي اقامته السياسات السابقة بين المالية العامة والنقد والمصارف، وعدم جواز لا بل عدم الامكانية والقدرة بالاستمرار بها. وبان تأمين التمويل للاحتياجات الملحة المحكى عنها مسألة تخص وزارة المالية لا مصرف لبنان ولا ودائع الناس المتراكمة لديه عبر التوظيفات الالزامية. كذلك مشاريع القوانين المحكى عنها على انها اصلاحية ليست بالحقيقة كذلك كلها، فهي في حيز واضح ترمي الى تمويه الارتكابات والاعفاء من المسؤوليات لا بل شرعنة الارباح الخيالية التي تحققت خلال الازمة وقبلها.

وبداية الحل الصحيح تكون بالعكس بتحديد الانحرافات والارتكابات والمسؤوليات وانزال العقاب بكل المرتكبين كما حصل في ايسلندا، حيث تمت التعقبات والمصادرات حتى في الملاذات الضريبية. فكان ذلك المدخل السليم لاستعادة صفة دولة القانون، ومن خلال ذلك ثقة الاسواق المالية بشكل اصولي كما ذكر رئيسها Grimsson في دافوس. ونجم عن الامر ان حققت ايسلندا بعد ثماني سنوات من ازمتها اعلى واسرع نمو في العالم في الناتج المحلي الاجمالي بلغ 7.2% مقابل نمو سلبي في لبنان قدره البنك الدولي بنسبة – 5.4% لعام 2022 مع توقع من قبل الدكتور Garbis Iradian كبير اقتصاديي مؤسسة التمويل الدولية ان ترتفع نسبة الانكماش الى- 7% في عام 2023.

مصدرنداء الوطن - توفيق شمبور
المادة السابقةالنواب منقسمون أفقياً وعمودياً حول عقد الاستقراض
المقالة القادمةشركات السيارات تتورّط في مخزون لا تستطيع تصريفه