غالباً ما يجد التجار ما يتذرّعون به لتبرير جشعهم ورفعهم لأسعار المواد الإستهلاكية، وغالباً أيضاً ما يوفقون باستغلال الظروف والأحداث الاستثنائية في البلد. وليست المعارك الدائرة عند الحدود والمخاوف من اتساع رقعة الحرب بحالة استثنائية. فالتجار باشروا رفع أسعار المواد مع ارتفاع نسبة إقبال المواطنين على تخزين المواد الغذائية والأدوية، وغيرها، خوفاً من انقطاعها في حال وقوع حرب.
ويتذرع العديد من التجار بارتفاع تكلفة التأمينات على البواخر المستوردة كدافع لرفع أسعار المواد. فارتفاع التأمينات من شأنه زيادة تكلفة شراء البضائع واستيرادها. وهو أمر طبيعي. لكن هل فعلاً رفعت الشركات العالمية قيمة التأمينات على البواخر الآتية إلى لبنان؟
لا زيادات على تأمين البواخر
يؤكد النائب الأول لرئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية، والرئيس السابق للغرفة الدولية، إيلي زخور، أنه حتى اللحظة لم ترتفع التأمينات المرفئية. فالشركات لم تفرض رسوم حرب إضافية على البواخر الآتية إلى لبنان. وبالتالي، فلا رسوم إضافية على المستوردين اللبنانيين. ويقول زخور في حديثه إلى “المدن”، إن الوكلاء البحريين لم يتبلغوا من خطوط الملاحة أي بلاغ حول فرض رسوم حرب إضافية على المرافئ اللبنانية.
مع الإشارة إلى أن شركات الملاحة عادة ما تحمّل الرسوم الإضافية للمستورد اللبناني. وهو بدوره يحمّله للمستهلك. وبالنظر إلى كون شركات التأمين العالمية لم ترفع حتى اللحظة تكلفة التأمين على البواخر الآتية إلى لبنان، فذلك يعني بأن لا صحة للذرائع التي يسوقها التجار لتبرير رفعهم أسعار المواد الاستهلاكية، لاسيما منها المواد الغذائية.
وكان رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي، قد حذّر في وقت سابق من أن اندلاع الحرب في لبنان ستكون لها تداعيات أكثر من كارثية. مؤكداً أن شركات الاستيراد بدأت تتحضّر للأسوأ. لكنه طمأن في الوقت عينه إلى توفر البضائع لمدة تتراوح بين شهرين أو ثلاثة.
واستتبع ذلك تصريح وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، اليوم الاثنين في مؤتمر صحافي، بأن منشآت المرفأ والمطار خارج التأمين. وهو ما يمكن ان يرفع مستوى المخاوف بين المواطنين والجشع بين التجار، الذين سبق لهم أن استنفروا عقب تصريحات البحصلي، وباشر العديد منهم إلى إعادة تسعير بضائعه، تحسباً لأي مستجدات قد تطرأ على الساحة الأمنية. وذلك على الرغم من عدم حدوث تغييرات واضحة في تكاليف الشحن البحري والاستيراد.
الإجراءات التي تم اتخاذها في مطار بيروت ونقل عدد كبير من طائرات الميدل ايست إلى دول اخرى، منها تركيا وقبرص، بعد أن فرضت شركات التأمين عليها تكاليف إضافية بقيمة 80 في المئة، أشاعت الخوف من أن يسري على المرفأ ما يسري على المطار، لجهة رفع تكلفة التغطية التأمينية على البواخر الآتية إلى لبنان. وقد ترجم التجار ذلك الخوف بإجراءات استباقية رفعوا فيها اسعار الاستهلاك من دون وجه حق.
لا إلغاء للرحلات
وفي الوقت الذي تم فيه إلغاء عشرات الرحلات الجوية إلى مطار بيروت ووقف العديد من خطوط الطيران العربي والأجنبي رحلاتها الجوية، تم تعليق رحلات تابعة لطيران الشحن، ما عرقل استيراد بعض المنتجات، منها الأدوية التي يتم استيراد جزء كبير منها عبر المطار وليس المرفأ.
أما عمليات إلغاء الرحلات التي شهدها قطاع الطيران فلم تنعكس تماماً على قطاع النقل البحري. وحسب زخور، فإنه حتى اللحظة لم تلغ أي شركة او خطوط ملاحية رحلاتها إلى لبنان. فأي من البواخر التي تأتي إلى لبنان لم تُبلغ الوكلاء البحريين فرض الشركات لرسوم تأمين اضافية أو إلغاء رحلات شحن. ويقول زخور إن حركة الاستيراد عبر مرفأ بيروت طبيعية جداً في الوقت الحاضر، ولم يتغير أي شيء حتى اللحظة.
الشركات التي تسير بواخرها إلى لبنان، ومنها MSC التي تعتبر من الأوائل في العالم، لديها تأمينات مع شركات عالمية، وجميع شركات الملاحة العالمية لديها خطوط بحرية مع لبنان إن كان كونتينرز أو ناقلات نفط أو كاربو. بمعنى آخر لا شركات تأمين لبنانية على تلك البواخر.