في مقال سابق تحدّثت عن احد المودعين من الذين قاموا بنقل أموالهم من مصرف الى آخر بعد ثورة 17 تشرين، ولم يستطيعوا أن يستفيدوا من التعميم 158 الذي يسمح بسحب 400$ نقداً شهرياً. وبالتالي أمضوا الأزمة يسحبون من أموالهم بالليرة على سعر صرف وهمي.
لم يلقَ مقالي وقتها آذاناً صاغية. ولكن اليوم بعد رحيل رياض سلامة وبعد الضغوطات من جمعيات المودعين، قاموا بتعديل هذا التعميم ليشمل هذه الفئة من المودعين. نفس الشخص اتصل بي البارحة فرحاً بتعديل التعميم ليشمله، بعد ان خسر اكثر من نصف وديعته كون عمله تضرر من الازمة. وكان يسحب دولاراته بالليرة على اسعار صرف لا تتجاوز 20% من قيمتها.
المودعون اليوم مثل دجاجة ستالين. فبعد ان قاموا بنتف ريشهم وسرقوا أموالهم وجنى اعمارهم وهجروا أبناءهم، يقومون اليوم بإعطائهم قليلاً من القمح أي 400$ شهرياً، وهي مع هذا الغلاء الفاحش لا تكفي للأكل والشرب لكنهم فرحون بهذا التعديل! فخمسون ألف دولار تحتاج الى أكثر من 10 سنوات لإعادتها.
اما بالنسبة للمودع الذي لديه ملايين الدولارات، فلا فرصة لديه باستعادة وديعته. ولا أعلم ماذا ينتظر بعد مرور أكثر من 4 سنوات على سرقة الودائع، فهو لم يتحرّك ابداً.
لا بدّ أن نذكر أيضاً المصارف وأصحابها «الأوادم» الذين لم يوافقوا على هذا التعديل، ولا يريدون أن يعيدوا شيئاً، وهم سرقوا الأموال ويعيشون في امبراطوريات في الخارج مع عائلاتهم. هؤلاء معظمهم يجب أن يكونوا في السجون كونهم مسؤولين عن أموال الناس، ويريدون اليوم ان تدفع الدولة ثمن مغامراتهم، فعينهم على الاصول العامة والذهب والعقارات.
في النهاية، المودعون في معظمهم مظلومون، وضاقت بهم سبل العيش. وقد حاولوا كلّ السبل ولا يزالون لغاية اليوم ولكن من ينصفهم اذا كان القضاء معطّلا؟