مع تزايد الأزمات في لبنان، من الأزمة الاقتصادية التي أثّرت في كافة القطاعات ومنها قطاع التأمين الذي على الرغم من التحديات تمكّن من الصمود النسبي، إلى تداعيات القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان… فكيف يبدو أداء القطاع اليوم وخلال 2023 رغم التحذير من تداعيات خطرة جرّاء انسحاب نحو 3 شركات من معيدي التأمين من السوق اللبنانية؟ وكيف تأثّر القطاع بتداعيات الأحداث في غزة وجنوب لبنان؟
أداء القطاع في 2023
أكد رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان أسعد ميرزا: «أن قطاع التأمين الذي فاز بالمعركة في عام 2022 على الرغم من الأزمات التي عاشتها البلاد، سجل صموده وتأقلمه مع الأزمة، حيث استمرّت شركات التأمين بالقيام بالتزاماتها تجاه زبائنها وتقديم خدماتها لهم». وكان قد حذّر ميرزا من تداعيات خطرة على القطاع في بداية عام 2023 جرّاء انسحاب نحو 3 شركات من معيدي التأمين من السوق اللبنانية على خلفية ما تعانيه البلاد من أزمات بما قد ينسحب على شركات التأمين المحلية، وعلى عدم قدرتها على الحصول على مستحقاتها بالدولار الفريش من هذه الشركات، علماً بأن الشركات المحلية تسعّر بوالصها بالدولار الفريش.
ويقول ميرزا: «على الرغم من ذلك سجل القطاع عام 2023 تحسّناً تدريجيّاً مقارنة بعام 2022. لكنّ هذا التحسّن لم يصمد وبدأت الحركة في القطاع بالتراجع منذ بدء الحرب التي شنّتها إسرائيل على غزة، وتداعيات القصف على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية».
القدرة الشرائية ونوعية البوالص
وتابع ميرزا: «صحيح أن عدد المؤمّنين في قطاع التأمين لم ينخفض مقارنة مع العام الماضي (ولكن بالمقارنة مع عام 2019، كان عدد المؤمّنين على الصحة 900 ألف، أما اليوم فلقد انخفض إلى حوالي 650 ألف مؤمّن)، وعلى الرغم من التقدّم البطيء الذي يشهده قطاع التأمين، لا تزال ديناميكياته بعيدة عن تلك المسجّلة عام 2019 لتأتي الحرب على غزة وتغيّر أولويات اللبنانيين، حيث همّهم الوحيد تأمين الحاجات الأساسية اليومية من مأكل ومشرب ومسكن خوفاً من الأسوأ. لذا شهدت الشركات تراجعاً في جذب زبائن جدد إليها، أضف إلى ذلك التغيير في درجات بوالص التأمين نتيجة تراجع القدرات الشرائية للبنانيين. فمن اعتاد على التأمين درجة أولى في قطاع الاستشفاء، استبدلها بالدرجة الثانية أو الثالثة. وكذلك بما يخصّ التأمين على السيارات، إذ أصبح المؤمّنون بمعظمهم يعتمدون التأمين ضد الغير، بعدما كانوا يعتمدون التأمين الشامل لسياراتهم. وإن كان تراجع القدرة الشرائية للبنانيين أثّر في درجات التأمين التي يطلبونها، فإن بوالص التأمين على الصحّة لا تزال الأكثر طلباً، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في فواتير المستشفيات وضعف إمكانات الضمان وتعاونية الموظفين، لذا يفضل اللبناني دفع كلفة بوالص التأمين الصحية لتوفير التغطية الصحية والاستشفائية له ولعائلته».
إعادة الرسملة
قبل البدء بالحديث عن رسملة شركات التأمين، أكد ميرزا أنه» لم يتم أيّ انسحاب إضافي لأي شركة من معيدي التأمين، في العام 2023 اقتصر ذلك على 3 شركات فقط، ولكن التغيّر الذي حصل في هذا العام هو ارتفاع الأسعار من قبل هذه الشركات فور تجديد العقود مع الشركات المحلية». أما بالنسبة إلى موضوع دمج وإعادة رسملة شركات التأمين، أوضح ميرزا أن «المشكلة اليوم هي أن معظم شركات التأمين هي عائلية ويطمح أصحابها بنقلها من جيل إلى آخر، مع العلم أن إعادة رسملتها ستؤدي إلى تحسين جودة الخدمات خاصةً أن الوضع الاقتصادي في لبنان لا يحتمل وجود هذا العدد من الشركات. فاليوم هناك حوالي 43 شركة تأمين على الأراضي اللبنانية، يمكن حصرها بـ 25 شركة كحد أقصى». كما ولفت النظر إلى قيمة رأسمال الشركات التي ما زالت تقدّر بمليون ونصف دولار (على أساس 1500 ليرة لبنانية)، حيث إنه من الضروري تعديل القيمة لتصبح بين 5 و10 ملايين دولار نقدي كي تتمكن هذه الشركات من الصمود وممارسة عملها».
وزارة الإقتصاد
وعند السؤال عن وقوع أي مشكلة بين وزارة الاقتصاد وشركات التأمين، نفى ميرزا وجود أي إشكال بين وزارة الاقتصاد وشركات التأمين، «ولكن هناك مشكلة مع شركة تأمين واحدة حيث تمّ توقيفها عن إصدار البوالص». ورداً على كيفية وقوف جمعية شركات التأمين إلى جانب الشركات، قال ميرزا إنه «من المفترض أولاً أن نكون على علم بالمشاكل الحاصلة داخل شركات التأمين كي نتمكّن من حلّها والوقوف إلى جانبها، فنحن كجمعية لا تتوفر لدينا جميع البيانات مثل وزارة الاقتصاد التي تتمتّع بالمعطيات الكافية عن جميع شركات التأمين».