الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل النظام المالي في الإمارات

يجمع المحللون على أن دولة الإمارات تحولت إلى قوة رائدة في قيادة التحول الرقمي والشمول المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدعم القوة التحويلية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، باعتبارها أداة مهمة لتشكيل مستقبل النظام الاقتصادي العالمي.

أضحت التقنيات المتقدمة، التي بدأت تظهر بشكل بارز منذ ثلاث سنوات، واضحة من خلال مجموعة واسعة من القطاعات، وعلى رأسها المجالان المالي والمصرفي، بما يسهم في تعزيز التنمية في دولة الإمارات وازدهارها، وترسيخ مكانتها في هذا المسار.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن الإمارات من الدول الفاعلة والسباقة في ابتكار الحلول القائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئة حاضنة ومحفزة وداعمة لجهود تسريع التحول الرقمي. وتعمل السلطات من خلال كل هذه الأدوات والتحفيزات على زيادة نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 في المئة بحلول العام 2031.

وحاليا، تستخدم البنوك الإماراتية روبوتات الدردشة والمساعدات الافتراضية، لتوفير دعم على مدار الساعة بسرعة ودقة، إضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات اللحظية لمكافحة الاحتيال وإدارة المخاطر، ما يزيد ثقة الزبائن في البنوك الرقمية. ويؤكد رؤساء ومدراء شركات عالمية متخصصة في القطاع المالي أن الإمارات تعد من الدول الرائدة، في مجال تطبيق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في القطاع المالي وأسواقها المالية.

ويشيرون إلى جهودها الحثيثة لتعزيز الثقة في النظام المالي المحلي، وتوفير بيئة استثمارية آمنة ومواتية من خلال تكامل المبادرات والمشاريع الحكومية، ووضع أطر حوكمة قوية لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال.

وشددوا على أن الدولة نجحت في مواكبة التطور الكبير الذي يشهده قطاع التكنولوجيا المالية العالمي، كما أن ثقافة الابتكار الراسخة عززت ريادة الإمارات كمركز عالمي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وتسود قناعة بأن أسواق الإمارات ومراكزها المالية نجحت في لعب دور محوري، في قيادة العديد من المبادرات التي أسهمت بشكل كبير في دعم الاقتصاد العالمي.

واعتبر داميان هيتشين، الرئيس التنفيذي لشركة ساكسو بنك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الإمارات حققت تقدما في تسخير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتطوير أسواقها المالية بهدف تعزيز كفاءتها، وزيادة الشفافية وسهولة وصول المستثمرين.

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى هيتشين قوله إن “الإمارات تطمح، من خلال أتمتة العمليات، إلى الحد بشكل كبير من مخاطر الخطأ البشري، وتحسين سيولة الأسواق، باستخدام الخوارزميات المتقدمة والأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي”.

وأوضح أن هذه التقنيات تساعد على تطوير إستراتيجيات تداول متطورة، يمكنها الاستفادة من الفرص في السوق وتخفيف المخاطر. وأشار إلى نجاح الإمارات في تطبيق النماذج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتحليل مجموعات بيانات ضخمة بهدف تحديد المخاطر المحتملة، وتطوير إستراتيجيات فعالة لمواجهتها، وبالتالي حماية رأس مال المستثمرين والحفاظ على استقرار السوق.

وتؤكد تقييمات البنك المركزي الإماراتي وجود طاقة إقراض وفيرة في النظام المصرفي للبلاد، إذ حافظ القطاع على مرونته مع توفير مصدات كافية لحماية رأس المال والسيولة، حيث ظلت المؤشرات بوجه عام مواتية خلال الربع الثاني من 2024.

واستمر النمو القوي في الودائع في المساهمة في احتياطيات السيولة والتمويل، الأمر الذي دلت عليه مؤشرات الإقراض والتمويل الرئيسية، ونسبة القروض إلى الودائع القوية التي بلغت 78 في المئة.

وقال محمد غوشة، الرئيس التنفيذي لمجموعة نور كابيتال، إن “القطاع المالي في الإمارات سخر الذكاء الاصطناعي، لتقديم خدمات متطورة ومبتكرة للمستثمرين”. ويرى أن هذه الجهود تعتمد على إستراتيجية شاملة لتطوير الذكاء الاصطناعي حتى 2031، تهدف إلى ترسيخ مكانة البلد عالميا في هذا المجال. وتوقع غوشة أن يشهد القطاع المالي استثمارات أكبر في أمن البيانات باستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، لتعزيز الخصوصية والأمان.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2025 المزيد من التطورات التكنولوجية المتقدمة في سوق العملات، مثل الاعتماد واسع النطاق للحوسبة الكمومية، وظهور منصات التمويل اللامركزي، حيث تسهم هذه الابتكارات في تعزيز كفاءة تداول العملات في الإمارات.

وقال مارك بوسارد، رئيس قسم المخاطر في أي.بي.أم كابيتال، إن الإمارات رسخت مكانتها كمركز مالي رئيسي، لاسيما في مجال التداول، متوقعا أن يشهد القطاع المالي معدل نمو سنوي يبلغ 5.5 في المئة، بفضل الإجراءات التنظيمية وتسريع التحول الرقمي.

ويؤكد أن التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين أحدثت تحولا جذريا في القطاع المالي بالبلاد عبر تبسيط عمليات وزيادة الشفافية. وأشار بوسارد أن الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تشكل حاليا 80 في المئة من صفقات تداول العملات العالمية، ما يسمح بتحليل سريع للبيانات المعقدة لاتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.

وتتعاون الدولة في هذا المجال مع كبرى الشركات العالمية، مثل مايكروسوفت وغوغل وأوبن أي.آي، إضافة إلى وجود شركات محلية عملاقة مثل جي 42، ما يسهم في تعزيز ريادة الدولة، في تطوير تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي.

وتقول رزان هلال محللة الأسواق لدى فوركس العالمية، إن التزام الإمارات بالابتكار في التكنولوجيا المالية، واعتماد أنظمة تنظيمية متقدمة، وضعها في طليعة التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم، وعزز دورها الرائد في مستقبل الأسواق المالية العالمية.

وتلفت إلى أن هذه التقنيات تسهم بشكل كبير في تعزيز الكفاءة والشفافية والأمان في الأسواق المالية، مما يغير بشكل جذري، طريقة إدارة المتداولين للمخاطر وتنفيذ الصفقات، وتدعمهم في تأسيس نهج مرن للتعامل مع الديناميكيات الجديدة في الأسواق المقبلة. وترى هلال أن الإمارات في موقع مثالي للتطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين وابتكارات التكنولوجيا المالية، ما يؤهلها لقيادة هذا التحول العالمي.

وقبل بضع سنوات، كان يُنظر إلى العملات المشفرة على أنها أدوات تدعو إلى القلق والريبة كونها محفوفة بمخاطر عالية بسبب تذبذب قيمتها، فضلا عن استغلالها في القرصنة وعمليات الاحتيال السيبراني. وتلعب إمارة دبي دورا رئيسا في هذا الصدد بفضل توافق أجندتها الاقتصادية (دي 33) وإستراتيجيتها للذكاء الاصطناعي 2031.

ومع استثماراتها الكبيرة في مبادرات المدن الذكية والإطار التنظيمي المتقدم، ستواصل دبي تطورها لتصبح مركزا عالميا للتقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتمويل اللامركزي، والعملات الرقمية.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالسعودية تحشد العالم لوضع حلول تضمن سلامة وأمن سلاسل الإمداد
المقالة القادمةإنتاج الغاز يفتقد لقوة الدفع لمواكبة الطلب العالمي