تتكشّف تباعاً المطبّات التي رافقت التعميم الذي أصدره مصرف لبنان لتنظيم استيراد القمح والادوية والمحروقات بالدولار. وبعد اجتياز «قطوع» أزمة المحروقات، يواجه اللبنانيون في الايام القليلة المقبلة أزمة رغيف ودواء…
فيما يتم العمل على إدخال تعديلات لتسهيل استيراد المحروقات بالدولار تجنّباً لأزمة، برزت بقوة أزمة الرغيف والأدوية. وفيما دخلت الأدوية مرحلة حسّاسة، فقد تفرض أزمة الخبز نفسها اليوم، وفق المعطيات التي تؤكد انّ هناك توجهاً للتصعيد والاضراب اعتباراً من يوم الجمعة.
في ملف الادوية، كشف نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة انّ أزمة الأدوية وفقدان البعض منها في السوق ستبدأ اذا لم يتم إرسال طلبيات جديدة خلال اسبوع من اليوم، محذّراً من انّ الوقت لم يعد لصالحنا، بل أمامنا بضعة أيام فقط قبل إيجاد حل للأزمة.
ورأى جبارة انّ التعميم بداية جيدة لحل الأزمة، الّا انه ليس بالحل النهائي ويحتاج الى تعديلات أساسية ليصبح قابلاً للتنفيذ من قبل قطاع الدواء، فتحلّ الأزمة. والتعديلات التي نطلبها اساسية، لكنها سهلة التنفيذ وفي متناول اليد، إنما تحتاج فقط دفعاً لتطبيقها. وفَنّدَ التعديلات عبر “الجمهورية”، وهي 3:
– التعميم يتحدث عن الاعتمادات، بينما معظم المستوردين يدفعون للمصنع على أساس التحويلات المصرفية. لذا، نطالب بأن يغطي التعميم هذه التحويلات المصرفية، وإلّا فإنّه لا يعالج سوى جزء صغير جداً من قطاع الدواء.
– يطالب التعميم المصارف بأن تودِع 100 في المئة من قيمة الفاتورة بالليرة اللبنانية و15 في المئة بالدولار، وقد طلبت منّا المصارف ان نودِع بدورنا 100 في المئة من قيمة مستورداتنا بالليرة اللبنانية و15 في المئة من الدولار مُسبقاً. وبدورنا، نقول ان لا إمكانية عند المستوردين لا بل هناك استحالة لوضع هذا المبلغ، خصوصاً انّ المستورد يدفع للمصنع بعد 4 أشهر فاتورته، فكيف له من اليوم ان يؤمّن المبلغ كاملاً ويضعه في المصارف؟! هذه الخطوة تتطلب زيادة رأس المال بنسبة كبيرة جداً، وهذا الامر غير ممكن راهناً، ما يعني أنه علينا الاستدانة من المصارف، وهذا الامر مستحيل حالياً في ظل الفوائد المرتفعة.
– لدينا فواتير تعود للأشهر الماضية لم يستحق موعد دفعها بعد، أي انها وُضِعت قبل التعميم ويستحق دفعها بعده. في هذه الحالة كيف يمكن شراء العملات الاجنبية لتسديد ثمنها؟ لذا نحن نطالب بإدخالها في التعميم ضمن الآلية نفسها التابعة للاعتمادات او التحويلات المصرفية.
وحيال هذه الأزمة، أكد جبارة تَواصل النقابة مع جميع المعنيين لإيجاد الحلول، وقال: نحن توقّفنا عن وضع طلبيات بالأدوية لاستيرادها، لأننا لا نعلم على أي اساس سندفع ثمنها. وبالتالي، هناك خطر من عدم تجديد مخزون الادوية الذي نملك، والذي يكفينا ما بين الشهر ونصف الشهر، ويختلف ذلك باختلاف نوع الدواء.
أزمة القمح
اما بالنسبة الى أزمة القمح، فقد علمت “الجمهورية” من مصادر مصرفية انّ “المركزي” بدأ أمس بالتواصل مع المصارف من اجل التوَصّل الى حل لمشكلة استيراد القمح من خلال إدخال التعديلات بما يتناسب مع عمل القطاع، إذ انّ التعميم الصادِر عن المركزي أجازَ للمصارف فتح اعتمادات بالدولار لمستوردي القمح، في حين انّ أصحاب المطاحن لا يعتمدون في عملية استيراد القمح على وسيلة فتح الاعتمادات المصرفية، بل السيولة مقابل السندات.
أمّا الجانب المعني بالتعديلات، اي أصحاب المطاحن ونقابات المخابز والافران، فأكدوا لـ”الجمهورية” ان لا علم لهم بهذه الخطوة، وانّ أحداً لم يتواصل معهم في هذا الخصوص بعد، علماً انّ تَجمّع أصحاب المطاحن يعقد اجتماعاً استثنائياً اليوم للبحث في هذه الأزمة، وهم توقّفوا عن الاستيراد. كذلك يعقد اتحاد نقابات المخابز والافران جمعية عمومية اليوم، يتّخذ في خلاله قراراً بالتوقف عن العمل والاضراب في حال لم يتأمن الحل لأزمة استيراد القمح.
في هذا السياق، أكد رئيس اتحاد نقابات المخازن والافران كاظم ابراهيم لـ”الجمهورية” ان لا جديد في أزمة استيراد القمح، لا بل حاولنا التواصل مع وزير الاقتصاد منصور بطيش كونه الوزير الوَصي على الخبز، وطلبنا موعداً للقائه، فقيل لنا انّ الموعد سيكون امّا يوم الثلاثاء بعد الظهر وإمّا يوم الاربعاء قبل الظهر، الّا انّ شيئاً لم يتحقق ولم يعط لنا موعد حتى ولو بعد شهر. إنّ هذا الاستهتار غير مقبول، ونقول اننا متّجهون الى الاضراب حتى لو أقفلوا كل الطرقات في وجوهنا. فلا يجوز اللعب برغيف الخبز. وأوضح، رداً على سؤال، اننا سنحدد اليوم في الجمعية العمومية التي سنعقدها موعد الاضراب ونوعية التحرك، اذا لم نلمس اي ايجابية في مطلبنا حتى ذلك الحين.
بدوره، أكد رئيس نقابة الصناعات الغذائية أحمد حطيط لـ”الجمهورية” انّ أحداً لم يتواصل مع مستوردي القمح لإبلاغهم بالتعديلات او حتى للاستماع الى آرائهم بالتعديلات التي يريدونها. وقال: حاولنا التواصل مع حاكم مصرف لبنان الا اننا لم نفلح. لذا، التقيت برئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الجمعة الماضي وعرضتُ له الأزمة، فجمعني بوزير المالية علي حسن خليل الذي استمع الى مطالبنا ووعد بنقلها الى حاكم مصرف لبنان، على ان يتم إدخال تعديلات الى التعميم على غرار ما يحصل مع مستوردي المحروقات. ومذاك الحين لم يتواصل احد معنا، ولم يطّلع على مطالبنا والتعديلات التي نريدها.