يتزايد تخوّف حَمَلة سندات الخزينة، في ظلّ الأوضاع الراهنة، من احتمال أي انخفاض إضافي لسعر صرف الليرة، وما يمكن ان يحمله ذلك من انعكاسات إيجابية على الموازنة العامة، أكان بطريقة مباشرة أم غير مباشرة.
ممّا لا شكّ فيه أنّه بات من الصعب إعادة الاستقرار الى سعر الصرف على الـ 1500 ليرة بعد ظهور سوق موازية في العملات الأجنبية، حيث يتم تداول الليرة اللبنانية حالياً عند مستويات أعلى بنسبة 30% من السعر الرسمي مقابل الدولار الأميركي، الأمر الذي يزيد من الضغوط، لا سيّما بعد خفض تصنيف لبنان الائتماني من قبل وكالات “موديز”، “ستاندر اندر بورز” و”فيتش”.
سلبيات التخفيض
– الهندسات الجديدة التي تحمل عنوان إعادة هيكلة الدين العام، وما تفرضه من إلغاء لسندات الدين، وشطب الديون المقوّمة بالليرة اللبنانية، تزيد من نسب التضخم.
– هبوط سعر الصرف يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، وما يتبعه ذلك من تداعيات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
– يدفع انخفاض سعر الصرف إلى تراجع أرباح مصرف لبنان والمصارف التجارية كونها تحمل النسبة الأكبر من السندات الحكومية.
– تمثّل أسعار الصرف الموازية ضريبة ضمنية على الإستيراد، حيث يتعين على المستوردين التخلّي عن الفارق بين السعر الموازي والسعر الرسمي عند تحويل أرباحهم إلى العملة المحلية. وهذا ما يعقّد تسوية الحساب الجاري.
اذاً، تزيد هذه الفرضية من نسب التضخم، حتى ولو لم يتغير السعر الرسمي “النظري” للصرف. ومن المؤكّد أنه سيجرى تسعير السلع الاساسية قياساً بسعر الصرف الحقيقي الذي بدوره سيصبح غير هامشي. وما يزيد من هذه المخاطر، إمكانية تدفق تحويلات الى سوق الصيرفة المحلية. وفي حال تحقق هذا السيناريو، سيكون من المرجح أن يحوّل سعر الصرف الرسمي، المفرط في تقديره، إلى السوق الموازية، في المستقبل، بعيداً من القطاع المالي الرسمي على حساب احتياطيات لبنان بالعملات الأجنبية.
في الوقت الذي تؤشر فيه هذه العوامل الى ضعف سعر الليرة الرسمي على المدى المتوسط، يعتقد الخبراء والاقتصاديون أن التأثير على الموازنة العامة سيكون قابلاً للإدارة. فالنتائج المحتملة الناجمة عن انهيار اضافي لسعر الصرف، ستدفع باتجاه سيناريوين افتراضيين: إما بتوافق السعر الرسمي مع السعر المتوازي الحالي، مما يعني خفض قيمة الليرة بنسبة 30%، وإما خفض قيمتها إلى النصف.
الإيجابيات
وتشير التحاليل إلى أن تخفيض قيمة العملة سيخفض فعلياً نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسينعكس إيجاباً على مالية الدولة وقدرتها على تأمين الرواتب والاجور للقطاع العام، وسيساهم في زيادة الصادرات وارتفاع القدرة التنافسية للبضائع اللبنانية في الأسواق العالمية. ويعكس الواقع الحقيقي للإقتصاد. ومع ذلك، سيكون هناك تحول في تكوين عبء الديون مع انخفاض الدين المحلي وارتفاع الدين الخارجي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي. من شأن ذلك أن يزيد في تكاليف خدمة الدين الخارجي، وإبقاء خدمة الدين الكلية ثابتة نسبياً.