مع التوصل إلى لقاحات للوقاية من كوفيد 19 تتراوح فعاليتها بين 90 و 95 في المائة، تقول الشركات المصنعة، فايزر وشركاؤها بيونتك وموديرنا، إنّه إذا وافق المنظمون على أي من اللقاحات في الأسابيع المقبلة، سيبدأ التوزيع على الفور، في جميع أنحاء العالم وتحديد أي دول ستحصل عليها وبأي ترتيب.
وقد أعلنت شركة فايزر أن لديها ما يكفي لتلقيح 25 مليون شخص، بينما لدى موديرنا ما يكفي لعشرة ملايين آخرين، كما ستحصل شركة أسترازينيكا، على ما يكفي لأكثر من 100 مليون شخص.
ومن المتوقع أن تدير وزارة الدفاع الأميركية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) التوزيع في الولايات المتحدة، الذي من المرجّح أن يبدأ في منتصف ديسمبر/كانون الأوّل، بإصدار أولي يبلغ 6.4 ملايين جرعة على الصعيد الوطني. وفي المملكة المتحدة، تخطط السلطات الصحية، لطرح لقاح معتمد في أسرع وقت ممكن أيضاً في ديسمبر/كانون الأول.
أمّا في الاتحاد الأوروبي، فالأمر متروك لكل دولة في الكتلة المكونة من 27 عضوًا لبدء توزيع اللقاحات على سكانها. ويدير الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان وكندا وأستراليا عمليات تنظيم اللقاحات السريعة.
وتقول هذه الدول إنها تشتري اللقاحات من خلال خطة الشراء المشتركة للمفوضية الأوروبية، التي لديها صفقات لستة لقاحات مختلفة وما يقرب من ملياري جرعة. بيد أن الجداول الزمنية للتسليم تختلف، ولا تزال معظم البلدان تضع خططًا لتوزيع اللقاحات وإدارتها.
في الوقت ذاته تقود منظمة الصحة العالمية ومجموعة اللقاحات “GAVI”، برنامج “كوفاكس” لتجميع الأموال من البلدان الأكثر ثراء والمنظمات غير الربحية، لشراء وتوزيع اللقاحات على عشرات البلدان الفقيرة. ويكمن هدفها الأول في تطعيم 3% من الناس في هذه البلدان، بهدف نهائي هو الوصول إلى نسبة 20%.
ومن المتوقع، أن البلدان الأقل ثراءً في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، مثل الهند، ستتلقى اللقاحات بتكلفة منخفضة أو من دون تكلفة بموجب هذا البرنامج في عام 2021. وقد تشتري دول أخرى مثل تلك الموجودة في أميركا اللاتينية اللقاحات.
أثارت جميع هذه المسائل، مخاوف حول حرمان الدول الفقيرة من الوصول إلى اللقاحات، الأمر الذي دفع أكثر من 80 من أعضاء البرلمان والوزراء البريطانيين، إلى الانضمام إلى حملة عالمية، تطالب بالتنازل عن قواعد حقوق الملكية الفكرية خلال فترة جائحة كورونا. حيث حذرت حكومة المملكة المتحدة، من مخاطر فقدان هذه الدول، للقاحات كوفيد 19، ما لم يُسمح لها بتخفيف قواعد الملكية الفكرية.
وبحسب ما أوردت صحيفة “آي” مساء الثلاثاء، كتب العشرات من أعضاء البرلمان إلى الوزراء، يطلبون منهم الانضمام إلى اتفاقية عالمية تدعو إلى تعليق القانون الدولي بشأن حماية براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق التأليف والنشر، بخصوص كل ما يتعلق بالأدوية والمعدات الحيوية لمكافحة فيروس كورونا.
ولغاية اليوم، قاومت حكومات البلدان الأكثر تقدمًا أي تغيير في الوضع الراهن، وأصرّت على أن هذه القوانين لن تعيق طرح اللقاح. في المقابل، تزعم المؤسسات الخيرية أن بعض البلدان سيتعين عليها الانتظار لسنوات للحصول على اللقاح، في حال بقيت قواعد الملكية الفكرية الحالية سارية، مع السماح فقط للشركات الكبيرة التي طوّرت اللقاح بإنتاج جرعات إضافية.
إلى ذلك، تنص الاتفاقية الدولية المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة (تريبس)، على أنه يجب على جميع البلدان احترام حقوق الملكية الفكرية، لتفادي حصول الجميع عليها مجاناً في جميع أنحاء العالم، خاصة في ظل وجود شركات تقوض إنجازات المنافسين الأجانب، وتنتزع منتجاتهم وتصميماتهم وأفكارهم.
وقد دعت مجموعة من أكثر من 80 برلمانياً من 6 أحزاب مختلفة في الحكومة البريطانية، في رسالة إلى وزيرة التجارة ليز تروس ووزير الأعمال ألوك شارما، إلى دعم تنازل مقترح لـ كوفيد 19، الذي من شأنه أن يمنح البلدان الفقيرة القدرة على السماح للمصنعين العامين بصنع لقاحات كوفيد 19، في حال كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتوفيرها لسكان بلادهم.
وفي السياق، قالت هايدي تشاو، من منظمة “العدالة العالمية الخيرية”، إن تعليق براءات الاختراع على لقاحات وعلاجات كوفيد 19، سيكون بمثابة تغيير هائل في قواعد اللعبة لمساعدة العالم على مكافحة هذا المرض. كما سيسمح لأكبر عدد ممكن من الموردين، بزيادة العرض العالمي إلى أقصى حد ممكن، بحيث يكون هناك ما يكفي من اللقاحات والعلاجات لجميع البلدان. أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، فلن تحصل البلدان ذات الدخل المنخفض على لقاحات فعالة لسنوات قادمة.
تجدر الإشارة إلى أنّ حكومة المملكة المتحدة، كانت قد عارضت في السابق هذه الدعوات التي تطالب بإعفاء كوفيد 19 من قوانين الملكية الفكرية. وقالت في بيان الشهر الماضي، إنّه بخلاف الافتراضات، لم تحدد الطرق الواضحة التي تجعل الملكية الفكرية حاجزاً يمنع وصول اللقاحات أو العلاجات أو التقنيات إلى الجميع، في الاستجابة العالمية لـ كوفيد 19.