شارك الاتحاد الأوروبي في دعم صندوق محمد السادس للاستثمار بتمويلات هامة بهدف الدفع بعجلة التنمية عن طريق دعم وتمويل الاستثمارات في خطوة تعكس اهتمام أوروبا بالموقع الاقتصادي للرباط في القارة الأفريقية.
وتم إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار من أجل الدفع بعجلة التنمية ودعم وتمويل الاستثمارات في الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في القطاعين العام والخاص.
وخصص الاتحاد الأوروبي دعما ماليا إجماليا بقيمة 5 مليارات دولار، لصندوق محمد السادس للاستثمار، مهمته الإسهام في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى ومواكبتها على المستوى الوطني والترابي في إطار شراكات مع القطاع الخاص.
ويندرج هذا التعاون في سياق الشراكة الاستراتيجية ومساعدة الاتحاد الأوروبي لشريكه المغربي في التخفيف من أضرار الاقتصاد المغربي على الشركات والاستثمارات.
وفي هذا السياق قال وزير المالية محمد بنشعبون إن “طلب المساهمة من الاتحاد الأوروبي يأتي لكونه الشريك الأول للمملكة المغربية”.
وفي إطار الشراكة المغربية الأوروبية طلب بنشعبون خلال لقاء جمعه بالرباط بالمفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي، الاتحاد الأوروبي بالمساهمة بشكل كبير في صندوق محمد السادس للاستثمار، باعتباره أبرز آليات النهوض بالاستثمار وتقوية قدرات الاقتصاد المغربي.
وأوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أنه، “من شأن هذا الدعم أن يشكل وسيلة لإنعاش حضور المستثمرين الأوروبيين بالمغرب ولتعزيز تنوع مصادر التمويل في إطار إعادة تصميم ذكي لسلاسل القيمة العالمية”.
وبيّن المسؤول المغربي أن صندوق محمد السادس للاستثمار سيساهم، بالشراكة مع القطاع الخاص في تمويل ومواكبة الاستثمار، عبر صناديق، لاسيما في مجالات إعادة الهيكلة الصناعية، والابتكار والأنشطة الواعدة بشأن النمو، وإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة والبنى التحتية والزراعة والسياحة.
وأعرب فاريلي، عن رغبة الاتحاد الأوروبي في مواصلة دعم المغرب، مشيرا إلى أن تنفيذ هذا البرنامج يأتي في إطار استعراض “السياسة الأوروبية للجوار” وهو يشكل مناسبة للارتقاء أكثر بالعلاقات النموذجية بين الشريكين.
ويرى الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، زكرياء الزرزاري، في تصريح لـ”العرب”، أن المغرب سيحصل على كل الدعم الأوروبي في إطار السياسة الأوروبية للجوار ونظرا لوضع للمغرب كـ”شريك متقدم” للاتحاد الأوروبي خاصة وأن المبادلات التجارية للمغرب مع الاتحاد تشكل حوالي 65 إلى 70 في المئة.
وشدد الزرزاري، على أنه “لا يجب الخلط بين سياسة حسن الجوار والمساهمة المادية لعدة اعتبارات، منها نوعية الدعم المقدم بالنسبة إلى الدول في إطار حسن الجوار الذي يتركز في أغلبه على المشاريع التنموية ذات الطابع الاجتماعي والإنساني بينما المساهمة الاقتصادية فهي ذات طابع اقتصادي صرف”.
وخلص الزرزاري، أنه إلى جانب الدور الريادي للمملكة المغربية في الوسط المتوسطي كشريك استراتيجي لمجمل دول الجوار، فإن الدعم الأوروبي يصب في مصلحة المغرب والاتحاد الأوروبي بشراكة رابح – رابح.
ويتصدر المغرب قائمة البلدان المستفيدة من سياسة الجوار الأوروبية والمساعدة المالية (حوالي200 مليون يورو في العام) ويعمل كلا الجانبين على تمتين شراكة قوية وشاملة من خلال خطة عمل طموحة.
كما تعتبر الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي واحدة من الشراكات المتقدمة مع دول جنوب المتوسط الواردة في ما يعرف بقانون الجوار الأوروبي، حيث تضم واحدة من العلاقات التجارية المتقدمة للاتحاد الأوروبي مع بلد خارج أوروبا.
وأكد الزرزاري أنه في ظل التطور الجيواستراتيجي الدولي المتمثل في بحث الدول عن بديل للصين من أجل الصناعة، يعد المغرب من بين الدول الأكثر ملاءمة للاتحاد الأوروبي للتصنيع بكلفة متوسطة في مناخ سياسي مستقر ومشجع على الاستثمار.
كما أوضح الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل القنيطرة، أن من مصلحة الدول الأوروبية التوفر على شركاء أفارقة أقوياء وعلى رأسهم المغرب الذي أصبح أكثر قوة وفاعلية بعد عودته إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك من أجل تسويق المنتجات الأوروبية في الوسط الأفريقي بأثمان تلائم تلك السوق الواعدة.
وعلى مستوى التعاون المالي، أشاد المغرب والاتحاد الأوروبي بالجودة النموذجية لهذه الشراكة التي ساهمت في إجراء مجموعة من الإصلاحات الكبرى بالمملكة، وأكد أوليفر فاريلي، أن المغرب شريك ذو مصداقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن هنا تأتي أهمية وضع خطة اقتصادية مفصلة من أجل شراكة أعمق بين الطرفين.
وفي هذا الصدد استفاد المغرب من دعم مالي بقيمة 1.387 مليار يورو، منها 202.6 مليون يورو على شكل منح، في إطار التعاون التنموي المغربي – الألماني.
ورحب وزير التعاون الاقتصادي والتنمية بجمهورية ألمانيا الاتحادية، غيرد مولر، بتميز التعاون الثنائي وبنتائج مفاوضات التعاون التنموي الحكومية التي تمت، مؤخرا، بين البلدين والتي أتاحت للمغرب الاستفادة من غلاف مالي قدره 1.387 مليار يورو، بما في ذلك 202.6 مليون يورو على شكل منح.
ولهذا لفت الزرزاري إلى أن مساهمة الاتحاد الأوروبي ومنه ألمانيا ستمكن من خلق نظام صناعي يسهل عملية إنشاء وحدات صناعية ونظام صناعي متكاملين دون الحاجة للبحت عن موردين أجانب مما سيمكن المغرب من تطوير قدراته الصناعية، كما سيمكن هذا الأخير من تحسين أداء شركاته خاصة على مستوى توقيت توريد العملاء والشركاء نظرا لتوفر المغرب على ميناء طنجة المتوسط ذي الطاقة التصديرية الهامة.
وتم تقديم الدعم المالي المباشر من ألمانيا لجهود المغرب في مكافحة كوفيد – 19، من خلال تخصيص مبلغ 717 مليون يورو للصندوق الوطني لتدبير جائحة كورونا، وصندوق الضمان المركزي، موضحا أن 250 مليون يورو ستخصص لتمويل الشطر الأول من “الشراكة من أجل الإصلاحات” التي التزم بها البلدان لفترة 2020-2022.
فيما سيتم تخصيص المبلغ المتبقي المقدر بنحو 420 مليون يورو لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية واسعة النطاق، من قبيل إصلاح القطاع المالي أو تطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.