ظهرت ارقام إدارة الإحصاء المركزي ارتفاع معدل التضخّم في لبنان عام 2020 إلى 84.9 في المئة العام الماضي مقارنة مع 2.9 في المئة عام 2019، الا انّ هذه الفوارق القياسية لا تعكس التضخم الحقيقي لأنّ بعض السلع لا تزال مدعومة من مصرف لبنان وفق سعر صرف 1500 ليرة، مثل المحروقات والقمح والأدوية والمستلزمات الطبية. وبالتالي، كيف سيكون المشهد بعد انتهاء الدعم ورفعه كليّاً عن كل السلع، وقد حدّد حاكم مصرف لبنان مهلة 6 اشهر قبل انتهاء أموال الدعم. فما هي توقعات المسار التضخمي حتى نهاية العام؟
يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين انّ نسبة التضخم أكبر بكثير من الذي طرحته إدارة الإحصاء المركزي. صحيح انّ أسعار الكهرباء والاتصالات لا تزال مستقرة، لكنّ الإيجارات والمواد الاستهلاكية ارتفعت بشكل ملحوظ، وفي حال رفع الدعم فإنّ الأسعار ستسجل مزيداً من الارتفاع.
في الموازاة، وبعدما أدّى تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الى فقدان اللبنانيين ما لا يقل عن 80 % من قيمة رواتبهم، ما ساهَم في ارتفاع نسبة الفقر لتتجاوز الـ55 في المئة، أقدَمَ الاتحاد العمالي العام الى المطالبة بتصحيح الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور. فهل يجوز طرح هذا الموضوع اليوم، خصوصاً انّ من مخاطر تطبيقه ازدياد نسَب التضخم الى مستويات قياسية؟
يؤكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر لـ»الجمهورية» ضرورة رفع الحد الادنى للأجور، خصوصاً بعدما خسرت 85 % من قيمتها. ومن واجبنا، رغم كل التحديات التي تمر بها البلاد، ان نطالب باستمرار بحقوق العمال،
كذلك يعاني القطاع المصرفي انهيار المنظومة المصرفية، وقد زاد التعميم الاخير للمصرف المركزي رقم 154 من أعبائها، لكنّ المصارف استفادت وحققت أرباحاً في السابق، لذا قد يكون من الوارد ان تطبّق زيادة في الاجور في بعض المجالات.
أمّا عن تقديراته لقيمة الحد الأدنى للاجور في المرحلة المقبلة، فقال: لا يمكن تحديده قبل حصول استقرار في سعر صرف الليرة، فنحن لدينا 4 اسعار لصرف الليرة الى جانب نيّة الحاكم في تَعويم سعر الدولار، وهذا ما لا يمكن البناء عليه. فنحن نحتاج الى حد أدنى من الاستقرار السياسي يُمهّد الى حدّ أدنى من الاستقرار المالي قبل أن نطرح أرقاماً تكون أقرب ما يكون الى الواقعية.