طالما أن المشكلة مرتبطة بشح وتقنين الدولارات من قبل مصرف لبنان، فإنه عبثاً يُحكى عن استقرار التغذية بالتيار الكهربائي. كل فترة لا بد أن تنبت مشكلة جديدة تساهم في تخفيض معدلات الإنتاج المنخفضة أصلاً. لكن إذا كانت كهرباء لبنان قادرة على إنتاج 1800 ميغاواط من أصل نحو 3200 ميغاواط يحتاج إليها، فإن هذا المعدل صار صعب المنال. لا أحد في المؤسسة، في الظروف الحالية، يتجرأ على توقّع الوصول إلى 1200 ميغاواط. الأسباب عديدة، لكن أبرزها يتعلق بالنقص الدائم في إمدادات الفيول. هذا يُضيّق هوامش المخاطرة أمام المؤسسة. فهي لا تملك ترف استعمال المخزون الموجود وفق القدرة الإنتاجية القصوى، خوفاً من أن لا تتمكن، بسبب أي عقبة غير متوقعة، في إمداد المعامل بالفيول. عادة هذه العراقيل تكون على شاكلة نوعية الفيول لم تكن مطابقة، أو الشحنة تأخرت في الوصول بسبب حالة الطقس أو تأخر إجراءات الشحن والتفريغ… لكن منذ أكثر من سنة، صار أهم عامل يؤخر وصول الفيول هو تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات. أخيراً، وصل الأمر إلى حد التوقف تماماً عن فتح الاعتمادات إلى حين صدور قرار استثنائي موقّع من رئيسَي الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين، يتعلق بالاقتراض من المصرف المركزي بالعملات الأجنبية (7 حزيران الحالي).
منذ ذلك الحين، وإلى أن تنتهي سلفة الـ 300 مليار ليرة التي أقرّها المجلس النيابي، فإن مشكلة الفيول أو وضع الاتفاق مع العراق قيد التنفيذ، تكون قد حلّت. لكن في المقابل، لم يؤدّ ذلك إلى حلّ أزمة الإنتاج، وبالتالي تحسين التغذية. إذا كان الخطر يُلاحق معملَي دير عمار والزهراني مهدداً بإطفاء المحركات، فإن الإطفاء طال فعلياً معملَي الزوق والجية الجديدين. شركة MEP المشغّلة للمعملين اضطرت إلى إطفائهما، بسبب عدم قدرتها على صيانتهما وتأمين الزيوت وبعض الفلاتر الضرورية للحفاظ عليهما. تؤكد مصادر مطلعة أن المبلغ المطلوب لا يتعدى 5 ملايين دولار، وهو كاف لتشغيل المعملين لنحو ثلاثة أشهر، لكن بحسب المعلومات فإن وزارة الطاقة التي تتواصل مع مصرف لبنان في هذا الصدد، لم تلق أي إجابة بعد، لتكون النتيجة الوحيدة ما يعيشه الناس من عتمة متزايدة، تضاف إلى كل الإذلال الذي يرافقهم في يومياتهم.