وافق مجلس إدارة الضمان على الدراسة المقدمة من اللجنة الفنيّة في الصندوق لإعادة تغطية الدواء كما كانت عليه قبل الأزمة، أي تغطية 80% من كلفة معظم الأدوية، و95% لنسبة محدودة من الأدوية. وأحال المجلس قراره إلى المدير العام للضمان محمد كركي بغية «اتخاذ كل التدابير والإجراءات التنفيذية لتطبيق الدراسة»، بحسب ما جاء في بيان مجلس الإدارة الذي انعقد نهاية الأسبوع الماضي. وبالتوازي، أصدر المجلس القرار 1296 القاضي بالموافقة على أن يستعمل صندوق فرع المرض والأمومة في الضمان 35% من إيراداته السنوية، أي ما يعادل 6600 مليار ليرة لتمويل تغطية الدواء، من دون المسّ بجودة الرعاية الصحية، أو نسبة المساهمة المعتمدة في الصندوق. وفي حال رفع الدعم بشكلٍ كلّي عن الأدوية، سيستخدم الفرع 42% من إيراداته السنوية على أبعد تقدير، أي ما يوازي 8200 مليار ليرة.أموال الخطة متوافرة في الضمان إذاً، ولكن دون تطبيق مقررات مجلس الإدارة عقبات تتمثل بشكل أساسي بموافقة المدير العام للصندوق محمد كركي، الذي تقع بيده صلاحية وضع القرارات موضع التنفيذ. ويتخوّف أعضاء في مجلس إدارة الضمان من التجربة غير المشجعة مع كركي، إذ يشير هؤلاء إلى وجود عدد من قرارات المجلس في أدراج المدير العام بلا تنفيذ، لذا يخشون من أن يلقى هذا القرار بما فيه دراسة اللجنة الفنية القادرة على إعادة التغطية الصحية لأكثر من 500 ألف أسرة، أو نحو 1.2 مليون شخص، مصير قرارات سابقة اتخذها المجلس ولم تنفذ بعد.
خشية بعض أعضاء مجلس الإدارة قد تكون في محلّها، ولا سيّما أنّ تبنّي توجّهٍ كهذا يعني مواجهة حتمية مع كارتيل الدواء الذي كان يتغذّى على تمويل الجهات الضامنة بالأسعار المرتفعة. والضمان هو أكبر هذه الجهات الضامنة التي لديها تقديمات صحية، من أبرزها الدواء والاستشفاء بما فيه الدواء داخل المستشفى والمستلزمات الطبية والعمليات الجراحية والإقامة في المستشفى، فضلاً عن المختبرات والفحوصات والصور المتقدّمة.
وبسبب الفوضى الموجودة في سوق الدواء، يتم استيراد عدد كبير من الأدوية من التركيبة نفسها من دون جدوى اقتصادية أو اجتماعية واضحة، وهو ما يكبّد كلّ الجهات الضامنة مبالغ طائلة يمكن التخفيف منها لو اتّبعت سياسات تغطية تعتمد على السعر الأدنى في كل مجموعة تركيبة دوائية، إذ لا داعي لاستيراد 50 دواءً مشابهاً لـ«البانادول» ووضعها على رفوف الصيدليات، أو 12 مضادّاً حيويّاً من التركيبة نفسها لـ«augmentin»… لكن الضمان موّل لمدة طويلة كارتيلات الدواء، وهذا ما أشارت إليه اللجنة الفنية في دراستها. وما لم تقله اللجنة انّ إدارة الصندوق تعاملت بخفّة وبلا مسؤولية مع ارتفاع فاتورة الدواء في السنوات ما قبل عام 2019، إذ لم تحرّك ساكناً عندما ارتفع نصيب الفرد من إنفاق الضمان من 327 دولاراً إلى 370 رغم استقرار نصيب المضمون في كمية الدواء بين 22.2 علبة و21.8 علبة. ولكن وفقاً لدراسة اللجنة الفنية التي تبناها مجلس الإدارة، لن يغطي الضمان كل الأدوية كما كان في الأعوام السابقة لعام 2019، بل ستعتمد عملية إعادة التسعير على تغطية الدواء الأقل كلفة في كل تركيبة عملية، ما يخفّف من نسب مساهمة الضمان في تغطية الفاتورة الدوائية. فإعادة التغطية الصحية إلى ما كانت عليه من دون شروط ستكلّف فرع المرض والأمومة 112 مليون دولار سنوياً، مقارنةً مع 73 مليون دولار في حال اعتماد القاعدة الجديدة.