تراجعت الصادرات الصينية في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، في إشارة إلى استمرار ضعف الطلب على منتجات البلاد، مما يؤيد مخاوف الحكومة من أن ينال التباطؤ العالمي من اقتصادها. وأظهرت بيانات حكومية، يوم الثلاثاء، انخفاض الواردات هي الأخرى، وهو ما يعكس أيضاً ضعف الطلب الخارجي؛ إذ تستورد الصين من الخارج القطع والمواد الخام اللازمة لكثير من صادراتها. وتراجعت الصادرات 6.8 في المائة في الشهرين مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بعدما تراجعت 9.9 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. لكن الهبوط جاء أفضل من متوسط التوقعات في مسح أجرته «رويترز»، والذي توقع تراجعاً نسبته 9.4 في المائة. وتراجعت الواردات 10.2 في المائة، وهو ما تجاوز بكثير التقديرات في المسح بأن تنخفض 5.5 في المائة فحسب. وكانت الواردات انخفضت 7.5 في المائة في ديسمبر عن مستواها قبل عام.
وكان وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو قد حذر يوم الخميس من أن الضغوط النزولية على الواردات والصادرات الصينية ستسجل ارتفاعاً ملموساً هذا العام؛ بسبب احتمال حدوث ركود عالمي وضعف الطلب الخارجي. ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تتعافى الواردات الصينية تدريجياً مع تحسن ثقة المستهلكين بعد رفع القيود المرتبطة بجائحة كورونا في ديسمبر، لكنهم يقولون إن التباطؤ الاقتصادي في الخارج قد يقلل حجم البضائع الواردة إلى الصين.
وانخفضت واردات الصين من النفط الخام 1.3 في المائة في أول شهرين من العام الحالي مقارنة مع مستواها قبل عام، بينما تراجعت وارداتها من الغاز الطبيعي 9.4 في المائة. لكن واردات الفحم وفول الصويا قفزت بفعل تحسن الطلب المحلي.
وبلغ الفائض التجاري للصين خلال يناير وفبراير الماضيين 117 مليار دولار. وقال المحللون إن التراجع الحاد في الواردات جاء بنسبة كبيرة نتيجة تراجع أسعار المواد الخام مثل النفط وارتفاع قيمة الدولار، وليس نتيجة ضعف الطلب المحلي في الصين. وحددت الصين هدفاً لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام عند حوالي 5 في المائة بعدما سجل اقتصادها، وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أحد أبطأ مستويات نموه على مدار عقود في 2022. وكان الناتج المحلي الإجمالي للصين قد نما 3 في المائة فحسب في 2021. وقال شينغ سونغشينغ، الرئيس السابق لإدارة الإحصاء والتحليل في بنك الشعب (المركزي) الصيني، إن هذا المعدل المستهدف يعطي الحكومة مساحة أكبر للحركة؛ لأن استهداف معدل نمو أعلى كان يمكن أن يهدد جهود الصين لإبقاء معدل التضخم عند مستوى 3 في المائة أو أقل.
وقال شينغ إنه استناداً إلى بيانات إجمالي الناتج المحلي الإقليمية المعلنة بالفعل، يمكن أن يصل معدل النمو للاقتصاد الصيني خلال العام الحالي إلى حوالي 5.6 في المائة، في حين يبلغ متوسط توقعات المحللين – الذين استطلعت وكالة «بلومبرغ» للأنباء آراءهم – للنمو 5.3 في المائة خلال العام الحالي.
ومن جهة أخرى، قالت مجموعة «إس إي بي» المصرفية إن معدل النمو المستهدف للصين، والذي جاء أقل من المتوقع لهذا العام، سيتباطأ، ولكن ذلك لن يمنع انخفاض الدولار الأميركي أمام اليوان الصيني، ليصل إلى 6.6 يوان مقابل الدولار، بحلول نهاية العام.
وقالت يوجينيا فابون فيكتورينو، رئيسة استراتيجية آسيا لدى بنك «إس إي بي»، في مذكرة: «بينما أشارت بكين إلى نهج حذر لتحفيز السياسة، فإن التطبيع في الطلب المحلي يجب أن يكون كافياً لجذب التدفقات الأجنبية لسوق الأسهم الصينية الداخلية»، بحسب «بلومبرغ». وأضافت: «إذا أكدت البيانات الواردة صورة التعافي الأكثر توازناً التي توقعتها مؤشرات مديري المشتريات، فمن المحتمل أن تتحول معنويات المستثمرين إلى إيجابية مرة أخرى».
ويجب أن يسمح تركيز الحكومة على تطبيع الطلب المحلي بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5 في المائة. وأوضحت فيكتورينو أن هدف النمو غير الطموح يوفر مساحة لمتابعة بعض الإصلاحات الهيكلية، وقالت إن السياسة النقدية الأقل دعماً لا تستلزم فرض زيادات فعلية في أسعار الفائدة. وعوضاً عن ذلك، قد يلجأ بنك الشعب الصيني إلى حجب مخصصات السيولة لزيادة التكلفة الإجمالية للتمويل بحلول نهاية عام 2023.