أصبح من الضروري وضع مصلحة الشعب وحقه في التنقل كأولوية لدى السلطة الحاكمة لتحقيق عدالة التنقل. “فكلفة بدل النقل العالية والتصاعدية في لبنان ضربت العمال وأرباب العمل”، يقول شادي فرج، وهو من مؤسسي جمعية حقوق الركاب. فـ”راتب الموظف لا يكفي إلا لشراء البنزين، الأمر الذي يدفع عدداً من الموظفين إلى تقليل أيام العمل أو حتى ترك وظائفهم، في حين أن الشركات بدورها غير قادرة على تكبّد المزيد من المصاريف. إضافة إلى عجز عدد كبير من طلاب الجامعات والمدارس عن الوصول إلى مراكز تعليمهم بسبب ارتفاع تكلفة المواصلات، لتنعكس بذلك كلفة النقل الباهظة على كامل الدورة الإقتصادية في البلد، وتشلّ العديد من القطاعات الإنتاجية، وتمنع عدداً كبيراً من الطلاب من الإلتحاق بدراستهم”.
تشير دراسة أجرتها “الدولية للمعلومات” حول كلفة الكيلومتر الواحد للسيارات الخاصة، والتي يمكن أن تسري على سيارات الأجرة بطبيعة الحال مع زيادة كلفة الأعطال والصيانة نظراً لتشغيلها طويلاً. وتخلص الدراسة إلى أن كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 397 ألف ليرة (الخميس في 3 آذار 2022) وتراجع سعر صرف الدولار إلى 20,500 ليرة، ارتفعت إلى3,155 ليرة لبنانية للكيلومتر الواحد، لسيارة متوسط استهلاكها 20 ليتراً في كل 170 كلم. (وترتفع الكلفة كلما زاد استهلاك السيارة وكلما كان طرازها قديماً وبحاجة إلى صيانة دائمة كما وتنخفض كلما كان طراز السيارة حديثاً وتستهلك كميات أقل من البنزين). وإذا أردنا احتساب كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة اليوم، أي بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 420 ألف ليرة، فقد أصبحت كلفة كل كلم واحد نحو 3,338 ليرة.
“إن بدل النقل الذي أقرّته الحكومة بقيمة 65 ألف ليرة غير كافٍ”، بحسب الباحث في مجال المرور والنقل المنظّم شوقي حاطوم، “فإذا احتسبنا تكلفة النقل بسيارة الأجرة ذهاباً وإياباً من وإلى العمل، حيث تتراوح تعرفة السرفيس بين 30 و40 ألف ليرة (تعرفة غير رسمية)، ولنفترض أنه بحاجة إلى سرفيسين ذهاباً واثنين إياباً على أساس تعرفة 30 ألفاً، يكون المجموع 120 ألفاً للنهار الواحد، ما يفوق الـ65 ألفاً”. ولحلّ هذه المشكلة إقترح حاطوم دراسة تقوم على: الإقتطاع من بدل النقل ودعم النقل العام وتخفيض التعرفة إلى 7000 ليرة، وبذلك تكون النتيجة 28 ألف ليرة للنهار الواحد.
وافق الفرنسيون على طلب وزير الأشغال والنقل علي حميّة تقديم هبة من 1000 باص، لكن من دون تحديد عدد الباصات، وعلى أن تُقسم الهبة، أياً كان حجمها على دفعات، لتقييم العمل وكيفية إدارته. “ولكن هناك الكثير من التساؤلات عما إذا كانت هذه الباصات ستنافس القطاع الشعبي مثلما حصل سنة 95، يقول فرج، خاصة لأنه حتى اليوم، لا يوجد أي معلومات عن عدد ونوعية هذه الباصات، وإن كانت ستعمل وفق قطاع نقل منظم أم لا. ما هو عدد الباصات التي ستعمل على كل خط؟ كيف ستتحدد المناطق؟ هل ستتواجد في المناطق التي لا تمرّ فيها الباصات؟ أم ستتنافس مع القطاع الموجود؟