خبير المخاطر المصرفية محمد الفحيلي أكد انه من الخطأ اعتبار المصارف مفلسة، مشدداً على مسؤولية السلطة السياسية ومصرف لبنان عما وصلت اليه الأمور. ويؤكد انه تجب محاسبة المخطئين الى أي جهة انتموا وبينهم عدد من المصرفيين.
هل المصارف مفلسة وكيف واجهت وتواجه الأزمة؟
من الخطأ توصيف المصارف بأنها مفلسة. حصة المصارف واكتتاباتها في سندات اليوروبوندز في لحظة اعلان التوقف عن السداد، او التعثر غير المنظم في آذار 2020، كانت بحدود 9% وهي حصة صغيرة.
في المقابل، للمصارف توظيفات لدى مصرف لبنان ولدى مصارف غير مقيمة بالاضافة الى تسليفات للقطاع الخاص (قروض شخصية وسكنية وتجارية..) بالاضافة الى سيولة في الادارات العامة او الفروع. كما لديها ملاءة كبار المساهمين فيها وموجودات ثابتة مثل الاراضي والعقارات. لذا الحديث عن الافلاس خطأ.
مع التعثر غير المنظم، حملوا المصارف في 2020 خسارة في توظيفات استحقاقها 2037 وهذا خطأ كبير. حالياً تحتسب المصارف خسارتها بناء على ما كانت تتوقعه من سيولة كانت تنتظرها من توظيفاتها في 2020 ولم تأت. بالاضافة الى ما كانت تتوقعه في 2021 من سيولة ومردود من توظيفاتها. مع ذلك باستطاعة البنوك تحمل خسائر 2020 و2021 لأن كثيراً من الديون المتعثرة أخذت مقابلها مؤونات تكفي لامتصاص الخسارة، والارباح التي حققتها خلال سنوات ما قبل الأزمة ساعدتها أيضاً على امتصاص الخسائر التي وقعت في 2020 و2021. أما قدرتها على التحمل والصمود للمدى الطويل، فهي قد تتعثر بسبب تقلص حجم الاقتصاد والتوقف عن تقديم خدمات تسليفات وخلافه.
ماذا عن دور مصرف لبنان والسياسيين في تأمين الحماية للمصارف؟
لعب ويلعب حاكم مصرف لبنان دوراً سلبياً ضد المصارف. أغلبية التعاميم تستهدف المودع والمصرف بما يؤدي الى تفريغ المصارف من الودائع، سواء بالليرة أو بالدولار، وتفريغها من الزبائن التي تسكر حساباتها. كان يجب اصدار تعاميم تخدم المصارف ومصالحها وانعاش العلاقة بين المصرف والمودع. استهدفت التعاميم السماح بسحوبات استثنائية، وتحولت سريعاً الى فتنة بين المودع والمصرف. وكانت تتبع كل تعميم انتكاسة نقدية واقتصادية وغلاء معيشة واضطرابات في سعر الصرف تتحول الى نقمة على المواطن. كما يجب القول ان مصرف لبنان يحمي بعض المصارف بكلفة مرتفعة لم يعد الاقتصاد قادراً على تحملها. أما السياسيون فأهلكوا القطاع ولم يحموه.
كان ممكنا دفع استحقاق سندات آذار 2020 لكنهم ذهبوا بقرار سياسي لتمويل ودعم الاستيراد، وهدروا 7 مليارات بشكل عشوائي، وكان المواطن آخر المستفيدين من الدعم.
ماذا تنتظر المصارف من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟
أولوية صندوق النقد الا تتكرر هذه الازمة والتي ابرز اسبابها الهدر والفساد وانعدام الحوكمة في ادارة المال العام. يريد الصندوق التأكد من ان لبنان قادر على سداد القرض الذي سيحصل عليه وعدم التعثر مجدداً. ويريد تحسين ايرادات لبنان وترشيد نفقاته. هذه الاولويات ينتج عنها اصلاحات علماً بأن الاتفاق مع صندوق يحسن تصنيف لبنان الائتماني، وبالتالي امكان العودة مجدداً الى الاسواق المالية للاستدانة اذا لزم الامر.
ماذا عن إعادة هيكلة القطاع؟
إعادة الهيكلة تتطلب دمجاً واستحواذاً وتصفية ذاتية، ووضع يد مصرف لبنان وتعيين مدير عام ومديرين تنفيذيين ومجلس ادارة جديد.. لكن لا يمكن كل ذلك مع عدم توفر رأس المال الضروري الخاص بهكذا عمليات. أما الحديث عن تحويل ودائع الى اسهم في المصارف وضخ رساميل جديدة فيجب أن يأتي ضمن خطة اصلاح كاملة بعد توزيع الخسائر واعادة جدولة الدين العام.
ما رأيك بتحركات المودعين؟
أخطأت التجمعات المتحدثة باسم المودعين عندما حاربت المصارف وتركت المصرفيين الذين اخطأوا في تقييم المخاطر وفي بعض التوظيفات خصوصاً تمويل فساد السلطة السياسية وهدرها، وأخطأت عندما استجابت لإغراء الفوائد العالية في تمويل القطاع العام. وكانوا يعرفون ان توظيفاتهم لدى مصرف لبنان تذهب لتمويل فساد السلطة السياسية واستمروا في ذلك بسبب الفوائد، لذا يجب ان يحاسبوا. من يحاسب اولاً هم اعضاء مجلس الادارة ورئيس المجلس والمديرين التنفيذيين، ويحاسب مصرف لبنان أيضاً لا سيما الاشخاص الذين غضوا النظر عن الممارسات الخاطئة، وهيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف وشركات التدقيق.. على كل هؤلاء دفع الثمن. ولا ننسى المسؤولين عن الهندسات المالية.