يستكمل حزب الكتائب جهده في الطعن الذي أعدّه في مشروع الكهرباء الذي ينتظر أن يناقشه مجلس النواب، ويسعى الى أن يوقّع هذا الطعن أكبر مقدار ممكن من الكتل النيابية، وعلمت “الجمهورية” أنّ نواباً قد أبدوا الاستعدادَ للتوقيع، فيما مهلة تقديم الطعن تنتهي الثلثاء المقبل.
هذا الطعن النيابي إذا قدِّر له أن ينال عشرة تواقيع يركز على عيوب جوهرية في الخطة تخالف الدستور، وتعطي وزارة الطاقة حق التحكم بتلزيم إنشاء المعامل، وتترك للشركات هامش الاتفاق المسبق الذي يفتح المجال لاحتكار التلزيم وتقاسمه، وسيكون امام المجلس الدستوري طعن مكتمل، يتمحور حول مخالفة الخطة للمادة 89 من الدستور.
في التفاصيل، حسب مصادر مواكبة، أنّ مشروع القانون المعجّل فيه خرق للمادة 89 من الدستور بإعطاء إجازة لوزارة محددة بمنح التزامات لمدة غير معروفة فيما مقتضى هذا النص الدستوري أن يوافق مجلس النواب على كل إلتزام بمفرده مع معرفة مدته وموضوعه وشروطه لكي يتمكّن من ممارسة رقابته البرلمانية، وهذه مخالفة جسيمة تترك الحرية لوزير الطاقة ليقرّرَ المدة والتوقيت.. فالتفويض إذا لم يكن محدّداً بالمدة والموضوع والشروط يُعتبر في فقه القانون الدستوري إخلالاً بمبدأ توازن السلطات الدستورية ويكون عرضةً للإبطال لدى المجلس الدستوري..
في المخالفات ويتضمن المشروع صيغة ملتبسة بموضوع دفتر الشروط قد يُساء تفسيرُها لتقليص مهمة التدقيق الشاملة لملف الصفقة في كل النواحي الإدارية والفنّية والمالية، ما يستدعي إضافة عبارة “مع التأكيد على التدقيق الشامل الذي تجريه إدارة المناقصات وفقاً لأحكام المادة 17 من المرسوم التنظيمي الرقم 2866/59” وذلك إلى الفقرة “أ” من المادة الثانية..
في الاستثناءات من الرقابة يبدأ هذا المشروع في الفقرة «ب» من المادة الثانية باستثناء عقود BOT من أحكام قانون المحاسبة العمومية والنصوص ذات الصلة فيما لا يتفق مع طبيعة هذه العقود.. كما من المؤكد أنّ البدء بالقاعدة أي خضوع هذه الصفقات للقواعد الإجرائية المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية في مرحلة التلزيم ثم ذكر الاستثناء في حال وجد ما يبرره.. وتضيف المصادر أنّ من الملاحظات الجوهرية ايضاً:
-1 أنّ الخطة تغيّب الهيئة الناظمة لمدة لا تقل عن 3 سنوات يحلّ محلها مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيرَي الطاقة والمالية..
في التدقيق بالمادة الثانية من المشروع يلاحظ أنّ مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم إلى الدولة اللبنانية بعد فترة زمنية، بشروط تحدّد تفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعدّه وزارة الطاقة والمياه.
-2 يُستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتّفق مع طبيعة التلزيم والعقود.. وهنا يخشى أن تكون هذه المادة أداةً لضرب صلاحيات التدقيق الواسعة المعطاة بمقتضى المادة 17 من المرسوم التنظيمي 2866/59 المحال إليه بموجب قانون المحاسبة العمومية، والتي تولي الإدارة التدقيق الشامل في دفتر الشروط الخاص من النواحي الإدارية والمالية والفنّية للتأكد من انطباقه على أحكام القوانين والأنظمة واحترامه لمبادئ العلنية والمساواة والشفافية. علماً أن ّحرية المنافسة ناتجة من مبادئ المبادرة الفردية وحرية التجارة والصناعة المكرَّسة في الدستور، وأيّ قانون يتعارض معها سيكون عرضةً للإبطال..
ومن المؤكد أنّ من شأن هذه المادة في حال اعتمدت بالصيغة الواردة فيها استثناء صفقات الـBOT من الأحكام الإجرائية المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية، وهذا المسار يتعارض مع كل التشريعات التي تنظّم الصفقات العمومية في الدول العربية والأوروبية وتشريعات الاتحاد الأوروبي التي تخطّت مفهوم الصفقات العمومية إلى مفهوم الطلب العمومي لإخضاع كل العقود العامة الإدارية للإجراءات المطبقة على الصفقات العمومية حفاظاً على المال العام، وخصوصاً لجهة المنافسة والشفافية والعلنية وتكافؤ الفرص..
هنا يكمن السؤال: لماذا هذه الصياغة بالمقلوب؟ أي لماذا الاستثناء ثم القاعدة؟ ولماذا لا يتمّ البدءُ بالقاعدة بالنص على أنّ هذه العقود تخضع لأليات إجراء الصفقات المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية ثم يتم ذكر الاستثناء إن وجد ما يبرره؟
وتشير المصادر الى أنّ الصيغة المعروضة في مشروع القانون في المادة الثانية تُلزّم مشاريع بناء معامل بإعتماد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم إلى الدولة اللبنانية بعد فترة زمنية، بشروط تحدد تفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعدّه وزارة الطاقة والمياه..
يُستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها..
أما في موضوع صلاحيات إدارة المناقصات، فتقول المصادر إنّ حصر هذه الصلاحيات بالنواحي الإدارية فقط لا يستقيم مع الصلاحيات التي تمارسها الهيئات العليا للصفقات العمومية في دول العالم وتشريعات الاتحاد الأوروبي وقوانين الدول العربية المجاورة، فالشروط الحصرية التي تحدّ من المنافسة والمؤتمنة الهيئات العليا للمناقصات على التدقيق فيها إنما ترد في معظم الأحيان في النواحي التقنية. وتشير الى أنّ المشرّع اللبناني تنبّه إلى هذا الأمر في المرسوم التنظيمي 2866/59 المحال إليه بموجب قانون المحاسبة العمومية فأعطى في المادة 17 منه إدارة المناقصات في الدولة اللبنانية صلاحيات شاملة لكافة النواحي التقنية والإدارية والمالية، تتدرّج من الشكل لجهة وجود المستندات المطلوبة قانوناً وإدراج المناقصة في البرنامج السنوي إلى حدّ الملاءمة من خلال التدقيق في صحة تقدير الكميات والأسعار، حسب ما تنص المادة 17:
“إذ تدقق ادارة المناقصات في محتويات الملف وتتثبّت من خلوّه من المخالفات والنواقص، وتتأكد بصورة خاصة من إدراج المناقصة في البرنامج السنوي العام”.
إختصاراً لمشروع الكهرباء توجز المصادر الملاحظات الآتية: تلزيم الكهرباء بهذه الطريقة سيكون اشبه بتلزيم الهاتف الخلوي، سيفتح الباب امام احتكار القطاع فما سيحدث سيكون بعيداً جداً عن مفهوم الخصخصة، إذ لا يمكن استبعاد أن تتآلف الشركات التي تنال الالتزام، خلافاً لمصلحة قطاع الكهرباء والمستهلكين والدولة، كل ذلك بلا ايّ ضمانات، في اعتبار انّ التفويض معطى في النهاية لوزارة الطاقة وليس لمجلس الوزراء للبتّ بالملف.