منذ انطلاقة عمل حكومة “الى العمل”، كان الجميع يدرك انها امام مهام صعبة في ظل الوضع الإقتصادي الدقيق الذي يعاني منه لبنان وارتباط حلحلته بمجموعة من الملفات المهمة.
وكانت حاجة الدولة الى مزيد من الايرادات وتأمينها تحدي اساسي على أجندة الحكومة، ما يؤكد ان الحكومة لم تفاجئ بالإضرابات والاعتصامات التي اندلعت بعد الحديث عن اجراءات تقشفية قد تطال العسكريين المتقاعدين والموظفين الذين ينعمون بتقديمات “ممتازة” في وظائفهم.
وما يعزّز هذا الاعتقاد، قناعة النواب والوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية ميشال عون بوجود مساعٍ لإفشال العهد الذي انطلق بزخم لم يعده لبنان من قبل، الا انه ما لبث ان اضمحل في وجه التحديات الكبرى التي واجهت رئيس الجمهورية.
نقاط ضعف الحكومة
قد تكون الدولة على حق في بحث بعض التقديمات لموظفيها، الا انها تعاني من نقطعة ضعف اساسية ستمنعها من اقناع شعبها بهذا التوجه، فهي فقدت هيبتها في معركة الفساد، التي ما إن انطلقت حتى غرقت هذه القضية المصيرية في وحول الطائفية، ما أضعف هيبة الدولة وأوحى للشعب بأن لا سلطة للحكومة الا على المستضعفين والفقراء.
كما ان ما تداوله الإعلام عن ارقام هدر مخيفة عزّز نقمة الشارع على الحكومة بسبب هذه الإجراءات، لا سيما ان الحكومة غضّت النظر عن معالجة اي من هذه الابواب لا سيما الجمعيات الخيرية وايجارات مباني الدولة اللتان تعتبران نقطتان اساسيتان كان يجب العمل عليهم.
في الواقع الحكومة لم تقف مكتوفة الايدي امام ثورة الشعب، فتصدّى لهم رئيس الحكومة سعد الحريري ببيانٍ ذكّرهم عبره بالقانون الذي يحظر الإضراب، ما يؤكد ان الامور قد تتجه الى مزيد من التأزم في المرحلة المقبلة، لا سيما ان تداعيات هذه الاضرابات قد تكون خطيرة حيث اكد البروفسور جاسم عجاقة امس “ان الإستمرار في إضراب مفتوح لمُعظم القطاع العام أكثر من أسبوع ستكون تداعياته كارثية حيث أن الخسارة قد تصل إلى 214 مليون دولار أميركي يوميًا على الإقتصاد و39 مليون دولار أميركي على خزينة الدوّلة”.
لماذا الإضرابات؟
من جهته، تساءل الخبير الاقتصادي د. لويس حبيقة في حديث لـ Lebanon Economy عن الجدوى من هذه الاضرابات حيث اكد انه لا يجب استباق اي امر، فلماذا الاضرابات والمظاهرات اذ كان وزير المالية قد اعلن عدم وجود اي توجّه للمس بجيوب المواطن”. واعتبر ان “الاضرابات امر سابق لأوانه، اذ ان هذا التوجّه يجب ان يحصل بعد اقرار الموازنة”.
وعلى رغم موقفه من الاضرابات، رأى حبيقة ان “الدولة لا تسير على الطريق الصحيح بما يخص الموازنة، فممنوع المس بالرواتب والاجور وحقوق المتقاعدين، فتخفيض العجز يكون عبر معالجة عجز الكهرباء وايقاف التبرع للجمعيات الخيرية وتحسين الجباية عبر محاربة الفساد”.
الراتب الأعلى لرئيس الجمهورية
وفي رد على سؤال حول تقاضي بعض موظفي الدولة رواتب خيالية، قال حبيقة: “”يجب ان نتفق ان اعلى راتب بالدولة يجب ان يكون راتب رئيس الجمهورية، والكل يأتي بعده. اذ لا يوجد وظيفة في الدولة اهم من وظيفة الجمهورية. لماذا نائب حاكم مصرف لبنان يتقاضى 30 مليون ليرة شهرياً، فيما رئيس الجمهورية يتقاضى 13 مليون. في حين لا توجد في فرنسا واميركا اي رواتب اعلى من راتب رئيس الدولة، وبهذه الطريقة لا نظلم احد فالرواتب العالية ليس لها اي مبرر”.
واعتبر ان “تحرك الشارع في وجه الحكومة امر طبيعي ويحصل في كل بلد في العالم، والحكومات قد تلبي طلبات كثيرة، لكن ليس كل شيء”. ودعا الحكومة اللبنانية الى التجاوب مع مطالب القوى العاملة والاتحاد العام.