هناك إجماع على أن قطاع السياحة والسفر في لبنان مرّ بمراحل ثلاث منذ نهاية العام 2019 وصولاً إلى مرحلة الجمود شبه التام الذي شهده قبل أن يحل فصل الصيف الماضي ليخفف جزئيا من وطأته.
المرحلة الأولى التي سبقت 17 تشرين 2019 حقق فيها القطاع أرباحاً خيالية وصلت إلى حدود الملياري دولار سنويا من عائدات مبيع تذاكر السفر.
غير أنّ بوادر التراجع بدأت تظهر واضحة في المرحلة الثانية، أي بعد الفترة التي تلت انطلاق تظاهرات تشرين ومع بروز أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، بحيث أجبرت مكاتب السفر على تسديد مستحقات شركات الطيران بالعملة الصعبة.
المرحلة الثالثة أتت نتيجة حتمية لتفشي فيروس كورونا، حيث دخل قطاع السياحة بصورة عامة وقطاع السفر بصورة خاصة في ما يشبه حالة من “الموت السريري”. فإقفال مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وتعليق الرحلات كافة، أسوة بمعظم مطارات العالم، أدخل أكثر من 5 آلاف موظف في دوامة البطالة الموقتة أو طويلة الأمد. وبحسب توقعات “إياتا”، فقد تكبد قطاع النقل الجوي في العالم في تلك المرحلة خسائر فاقت 250 مليار دولار وهي مرشحة للاستمرار لغاية سنة 2022 على الأقل. ولنا في هذا الإطار أن نتخيل أثر ذلك على بلد صغير كلبنان يعيش أساساً أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
في هذا السياق ناشد السيّد خليل فغالي، مدير عام شركة TRAVEL ALL-WAYS للسياحة والسفر، نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة بضرورة رفع منسوب التوعية لدى الراغبين بالحجوزات. والهدف منع التعامل مع مكاتب أو حتى أشخاص لا هوية شرعية ولا مرجعية رسمية لهم، ما يجعل ملاحقتهم القانونية شبه مستحيلة في حال قيامهم بأية أعمال اختلاس أو غش أو تزوير.
على صعيد آخر، يمكن ملاحظة غياب أي تعرفة موحدة لأسعار الحجوزات. عن هذا يشرح السيد سعادة أن تعدد آليات التسعير مردها إلى اعتماد المكاتب والوكالات ما يتماشى مع حجم مبيعاتها ومصاريفها وعدد موظفيها وتبعا للمنطقة الجغرافية التي تقع فيها أيضاً. قد لا يمثل وضع آليات “تسعيرية” حلاً سحرياً إلا أنه من المجدي أخذ ذلك في الاعتبارـ أقله إنصافا للمكاتب والوكالات الصغيرة التي تفقد زبائنها لصالح الشركات الأكبر حجماً.
في تصريحات سابقة خلال العام الحالي، ذكر نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة، السيد جان عبود، أن الشلل شبه الكامل الذي أصاب القطاع في الفترة الأخيرة يعود إلى الوضع الصحي العام كما إلى تراجع قدرة آلاف اللبنانيين على القيام بالرحلات السياحية السنوية. وتشير التقديرات إلى تراجع العدد بنسبة تزيد عن الـ90% مقارنة مع العام 2018. وقد انعكس ذلك إقفالا لأكثر من ثلث المكاتب والوكالات الـ213 المسجلة لدى اتحاد النقل الجوي الدولي وخسارة أكثر من 75% من موظفي القطاع الذين يقارب عددهم 6000 مناصبهم.
نهاية شهر أيلول الماضي، أصدرت وزارة السياحة تعميماً على “كل الجهات التي تستثمر وكالات السفر والسياحة وخلافها من دون استحصالها مسبقاً على ترخيص قانوني من قبل الوزارة، وجوب التقدم منها خلال مهلة شهر من تاريخ التبليغ، بغية تصحيح أوضاعها القانونية وتسويتها وفقاً لما توجبه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء تحت طائلة إقفالها”. على الرغم من أن فترة الشهر قد انقضت، إلا أن وصول هذا التعميم إلى خواتيم سعيدة من عدمه قد يكون مقياساً لمدى جدية المعالجات. لعلّ وعسى.