رجحت تقييمات حديثة أن يتباطأ نمو تحويلات المغتربين خلال العام الجاري مع استمرار الرياح المعاكسة التي لا تزال تلقي بظلالها على اقتصادات الدول جراء الحرب في أوكرانيا وما رافقها من ارتفاعات مقلقة في التكاليف مع اضطراب أسواق العمل.
وأفاد البنك الدولي في أحدث تقاريره عن الهجرة والتنمية الذي صدر قبل أيام بأن التقديرات تشير إلى أن تدفقات تحويلات المغتربين إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ستزيد بنسبة 1.4 في المئة خلال هذا العام لتصل إلى 656 مليار دولار.
وهذه التوقعات أقل من ترجيحات سابقة للمؤسسة المالية الدولية المانحة حينما أشارت في تقرير نشرته في ديسمبر الماضي إلى نمو التحويلات باثنين في المئة خلال 2023 مقارنة بالعام 2022.
وتعد التحويلات مصدرا حيويا لدخل الأسر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث تساعد في التخفيف من حدة الفقر وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة أعباء الحياة، إلى جانب تحسين معدلات التحاق الأطفال بالمدارس.
ويعزو معدو التقرير الذي نشره البنك على منصته الإلكترونية انحسار التحويلات المالية حول العالم إلى تقهقر النشاط الاقتصادي في البلدان التي تستضيف عمالة وافدة، الأمر الذي يحد من فرص العمل والتشغيل وزيادة أجور المغتربين.
وتضمَّن التقرير تعديلا بالزيادة لمعدل نمو تدفقات التحويلات المالية في العام الماضي إلى 8 في المئة لتصل إلى نحو 647 مليار دولار.
وفي فترة ما بعد وباء كورونا، التي تشهد تراجع النمو الاقتصادي وتناقص الاستثمارات الأجنبية المباشرة، زادت أهمية تدفقات التحويلات إلى البلدان والأسر بالنظر إلى مرونتها كمصدرٍ للتمويل الخارجي، لاسيما للبلدان الفقيرة ذات المديونية الخارجية المرتفعة.
وقال ميكال روتكوفسكي المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والوظائف في البنك الدولي “تكمل التحويلات المالية ما تقدمه الحكومات من تحويلات نقدية إلى حد كبير، حيث تكون ضرورية للأسر في أوقات الحاجة”.
وأكد أن البنك الدولي يقود العمل على جبهتي الدراسات التحليلية والعمليات فيما يتعلق بالهجرة العالمية لتسهيل تدفقات التحويلات وخفض تكاليفها.
وفي عام 2022 تلقت التحويلات المالية دفعة جراء ارتفاع أسعار النفط في دول الخليج العربي، الأمر الذي ساعد على زيادة دخول المغتربين.
كما زادت التحويلات المالية الكبيرة من الاتحاد الروسي إلى بلدان آسيا الوسطى، في ظل قوة أسواق العمل في الولايات المتحدة واقتصادات بلدان المقصد المتقدمة.
وبحسب المناطق، زادت تدفقات التحويلات بنسبة 0.7 في المئة بمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ وبنسبة 19 في المئة في أوروبا وآسيا الوسطى.
كما ارتفعت بنسبة 11.3 في المئة بأميركا اللاتينية والبحر الكاريبي وبنسبة 12.2 في المئة في جنوب آسيا، وبنسبة 6.1 في المئة في أفريقيا جنوب الصحراء.
في المقابل انخفضت تدفقات التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.8 في المئة إلى 64 مليار دولار في 2022 بعد أن سجَّلت معدل نمو قوياً قدره 12.2 في المئة خلال العام السابق. واشتملت اقتصادات المنطقة التي شهدت زيادات طفيفة في تدفقات التحويلات إليها على بعض بلدان المغرب العربي.
وتمثلت العوامل الداعمة لهذه التدفقات في ارتفاع النمو الاقتصادي في البلدان المضيفة بالاتحاد الأوروبي، وكذلك الهجرة العابرة التي عززت التدفقات الوافدة إلى البلدان المضيفة المؤقتة مثل مصر والمغرب وتونس.
ومن المتوقع خلال هذا العام أن يزيد تدفق التحويلات إلى المنطقة بنسبة 1.7 في المئة، وتتباين آفاق المستقبل بين المجموعات الفرعية للبلدان في المنطقة تبعاً لهوية البلدان المضيفة المهيمنة ودرجة التعرض لارتفاع التضخم وتقلبات الأسواق المالية.
وبلغ متوسط كلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة 6.2 في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، منخفضا من 6.4 في المئة قبل عام.
وكانت البلدان الخمسة التي تلقت أكبر قدر من التحويلات المُسجَّلة رسميا عام 2022 هي الهند بواقع 11 مليار دولار والمكسيك بنحو 61 مليار دولار والصين بنحو 51 مليار دولار والفلبين بحوالي 38 مليار دولار وباكستان بمقدار 30 مليار دولار.