كان من المرتقب أن يتمّ رفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 ليرة لبنانية الى 15 ألف ليرة في بداية شباط، إلا أن مديرية الجمارك والحكومة استبقتا هذا الأمر وسعّرتا الـضريبة على القيمة المضافة وفق سعر 15 ألف ليرة بدلاً من 1500 ليرة، فاختلط حابل الدولار الجمركي بنابل الـTVA في الفوترة.
وأدى هذا الأمر المخالف للقانون الى رفع التجّار والصناعيين الصوت، فاجتمعت جمعية الصناعيين مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي، وتمّ التوافق كما كشف نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي لـ»نداء الوطن» على «تشكيل لجنة تتألف من وزير المال ومدير مديرية الضريبة على القيمة المضافة الـTVA لزوم معالجة تلك المشكلة التي تتطلب تصحيحاً».
ولحينه لا جديد حول الإجراءات التي يمكن أن تتّخذ، لكن كيف تحتسب الـTVA للشركات المستوردة؟
حول ذلك، أوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لـ»نداء الوطن» أنه «عند استلام البضائع من الجمارك يسعّر دولار الفاتورة زائد الشحن ومصاريف المرفأ على الـ15 ألف ليرة، وهذه القيمة تتسعّر على ما يسمى الدولار الجمركي أي 15000 ليرة. وبعد ذلك يضاف الى إجمالي المبلغ الضريبة على القيمة المضافة البالغة نسبتها 11% وفق سعر 15 ألف ليرة أيضاً وليس 1500 ليرة كما يتمّ تحصيلها من التاجر المسلّمة اليه البضائع».
ولفت الى أنه «عندما نبيع B2B أي business to business للتاجر وليس للمستهلك يفوتر المستورد بالدولار النقدي، ويتمّ تسعير الضريبة على القيمة المضافة وفق السعر الرسمي أي 1500 ليرة حسب القوانين الجارية المفعول. عندها نسدّد للدولة كمستوردين أكثر مما نحصّل من السوق، فنخسر مثلاً نسبة 4% من التدفق النقدي ومن رأس المال العامل working Capital لكل معاملة وهي عبارة عن الفارق بين 15 ألف ليرة و1500ليرة.
إسترداد الـTVA
وفي ما يتعلق بإمكانية استرداد المبلغ من الدولة، يقول بحصلي: «إن المستورد في كل مرة يبيع السلع المستوردة ويحصّل الـTVA من التاجر لحساب الدولة وفق سعر 1500 ليرة ويضعها في الحساب رقم 44 التابع للدولة، على أن تجري بعدها مقاصة. اذا زاد حساب المستورد يسدّد للدولة الفارق واذا كان ناقصاً يسجّل للمستورد بذمّتها مبلغ من المال إما يتمّ تدويره الى عملية استيراد أخرى، أو يقدّم طلب استرداد الفارق وهي مسألة صعبة بعض الشيء، إذ يُستحال استرداد أي شيء من الدولة حالياً.
مثال بالارقام
ومثال على ذلك إن شحنة بقيمة 100 ألف دولار (والتي تتضمن قيمة البضاعة ورسم أرضية المرفأ وكلفة الشحن) يتمّ احتساب رسمها الجمركي على الشكل التالي:
100 ألف دولار × 15000 ليرة = 1.5 مليار ليرة (وهي القيمة التي يُحتسب عليها الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة). وإذا افترضنا لتسهيل الشرح أن هذه البضائع معفية من الجمارك ويترتب عليها TVA، فعلى هذا المبلغ يتمّ احتساب الضريبة على القيمة المضافة وهي بنسبة 11% فتصبح العملية الحسابية كالتالي:
1.5 مليار ليرة × 0.11% (TVA) = 165 مليون ليرة هو قيمة الضريبة على القيمة المضافة التي يترتب على المستورد تسديدها للدولة.
لكن عند بيع البضاعة الى التاجر (وافتراضاً، ان عملية البيع تمت بسعر الكلفة أي 100,000 دولار) فيتم فوترة الـ TVA على أساس 1500 ليرة، أي ان التاجر يحصل لحساب الدولة 100،000 × 1500 × 11% = 16,500,000 ليرة.
هذا يعني أن المستورد يدفع عند الإستيراد 165,000,000 ليرة ويحصّل 16,500,000 ليرة فيخسر من رأسماله التشغيلي الفارق وهو 148,500,000 ليرة على كل عملية. وإذا احتسبنا هذه القيمة على سعر صرف السوق السوداء 40,000 فهي تساوي 3,700 دولار أي بخسارة بنسبة 3.7% من الرأسمال التشغيلي (وليس من الأرباح أو الخسائر) على كل عملية استيراد».
سعر الصرف الرسمي= الرسم الجمركي = TVA
ويضيف بحصلي: «هذه المعادلة لن تصلح إلا في شباط 2023، عندما يتساوى سعر الصرف الرسمي مع سعر الدولار الجمركي على مستوى 15000. ومن الصعب تقدير الخسائر المتراكمة للقطاع التجاري الى حينه، خاصة إذا تدنت اسعار الصرف الى مستويات إضافية فيخسر القطاع التجاري قيمة هذه الأموال عند تحصيلها، إذ ان التصريح يتم فصلياّ كل ثلاثة أشهر، وأول مقاصة لن تحصل قبل 31 آذار 2023 أي بعد 4 أشهر من بدء هذه العملية».
إذاً تعدّدت الوسائل الحسابية للدولار الجمركي وللـTVA والنتيجة تبقى واحدة احتسابها وفق سعر الـ15 ألف ليرة. ولحين إيجاد الحلول تكون مرّت فترة الشهرين وحلّ شباط موعد بدء العمل بسعر الصرف الرسمي الجديد وهو 15 ألف ليرة، عندها تكون عملية احتساب الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر الـ15 ألف ليرة قانونية، علماً أن المواطن يسدّدها عند شراء السلع من المحال والسوبرماركات حسب سعر السلعة التي يُحدّد دولارها وفق سعر صرف السوق السوداء.