كتب خضر حسان في صحيفة “المدن” الإلكترونية تحت عنوان “خفض إنتاج الكهرباء في الجية: الفيول “غير مطابق”؟”: “لأزمة الكهرباء في لبنان صوَر ومظاهر لا تُعد ولا تُحصى. وإن اختلفت أشكالها وأنواعها، يوحّدها العنوان الجامع لكل الصفقات المرتبطة بأي شكل من الأشكال بمشاريع الدولة، ألا وهو الفساد المنغرس في أصغر تفاصيل الصفقات والمشاريع. وبفعل تجذّر هذه الظاهرة، يصبح من البديهي التدقيق في التفاصيل، مهما كان الموضوع بسيطاً، لأن تبعات الفساد تنسحب على مصلحة المواطن الذي يسقط حكماً من حسابات الصفقات، ويحضر فقط لدفع الثمن مادياً وسياسياً.
أزمة مُستَحدثة
تلحظ خطة الكهرباء التي تمتد جذورها إلى ورقة سياسية للقطاع، وأعلنها وزير الخارجية جبران باسيل في العام 2010، تطوير القطاع وتحسين المعامل القديمة التي تعمل بأقل من نصف طاقتها. وتفرّعات الخطة، أي تلك التي وضعت في عهد وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، وتلك التي أعلنتها الوزيرة الحالية ندى البستاني، أكدت على استبدال المعامل القديمة بأخرى جديدة. على أن طريق الاستبدال يمر بمعامل مؤقتة، برية وبحرية. البرية كانت عبارة عن معامل صغيرة، يجري تركيبها ملاصقة للمعامل القديمة العاملة حالياً. والبحرية هي بواخر الطاقة. ويندرج المعمل المشغّل لشركة مملوكة من قبل “ك.ت.خ”، ضمن المعامل البرية.
والشركة تملك معملاً في الجية يُنتج 80 ميغاواط، يعمل هناك منذ نحو 30 شهراً، ويُفترض حسب عقد التشغيل أن يساند المعمل القديم وباخرة الطاقة. مع الإشارة إلى أن المعمل القديم يضم خمسة مولدات تعود لحقبة الستينات، ويستحيل تشغيلها دفعة واحدة، وهو ما يدفع باتجاه استقدام معامل مساعِدة.
لكن المعمل المساعِد متوقف عن العمل منذ نحو 20 يوماً، أي أن الجية تخسر حالياً نحو 80 ميغاواط من الإنتاج.
بانتظار الفحوصات
أخبار كثيرة ترافقت مع توقف الإنتاج في المعمل المؤقت، تمتد من “نظرية المؤامرة” إلى “توقف بسبب إجراء بعض الفحوصات”. فمع توقف الإنتاج، تقول مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان أن “المعمل المؤقت توقف عن العمل بسبب إشكالات داخلية تتعلق بالشركة المشغِلة. ما يعني أن الأزمة مستمرة وتتصاعد، منذرة بالأسوأ على مستوى حجم الإنتاج في الجية”. وتضيف المصادر أن توقف الإنتاج “يستدعي التحقيق من قبل التفتيش المركزي ومؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة، ويفترض تحديد المسؤوليات. فإن كانت أسباب توقف العمل ناجمة عن أزمة خاصة بالشركة، يفترض بها دفع بند جزائي للدولة، وفي حال العكس، على الدولة دفع بند جزائي للشركة”.
في المقلب الآخر، تنحصر المشكلة بـ”وجود مواد محظورة وغير مرحب بها في مادة الفيول التي يُشغَّل بها المعمل، وقد استُدعِيَت الشركة الألمانية المصنِّعة لماكينات المعمل، لكي تجري الفحوصات اللازمة، وعلى أساس النتيجة يُصار إلى القيام بالإجراءات المناسبة”، وذلك وفق ما تؤكده مصادر في الشركة المشغّلة للمعمل.
وفي حديث، تشير المصادر إلى أن “توقف المعمل جاء بقرار من الشركة، وذلك لحماية المعمل وحرصاُ على سلامة الاستثمار العام. فمن غير المنصف الاستمرار بالتشغيل لبضعة أيام ونخسر لاحقاً المعدات. بل فضّلنا خسارة أسبوع أو أسبوعين لإجراء الإصلاحات والفحوصات، ونكسب بعدها المعمل لفترة أطول. فنحن كشركة لا يمكننا المخاطرة بسلامة المحركات. وفي كل الأحوال سيعود المعمل إلى سابق عهده بغضون أيام”.
هذا التبرير لم يُقنع مصادر مؤسسة الكهرباء، حين تساءلت عن “سبب ظهور المشكلة في الفيول اليوم، فيما كانت الشركة تستعمل الفيول ذاته طيلة فترة عملها السابقة. فمن يتحمّل مسؤولية التشغيل بفيول غير سليم سابقاً، ومن يتحمل مسؤولية تعطيل الإنتاج حالياً؟”.