لم ينته النقاش في مسألة إصدار بطاقة تمويلية لكل المواطين، كبديل عن دعم السلع الحيوية (الدواء، المحروقات والخبز). كان يُفترض أن يُعقد بشأنها اجتماع يوم الجمعة، لكن الضجة التي أثيرت بعد الادّعاء على رئيس الحكومة المستقيلة، حسن دياب، في جريمة تفجير المرفأ، جمّدت أي نقاش أو نشاط غير مرتبط بالقضية. اليوم يفترض أن يُعقد اجتماع لتقريب وجهات النظر بشأن بديل إلغاء الدعم، في ظل وجود رأيين: الأول يؤيد توزيع بطاقات تمويلية (تضع «الدولة» مبلغاً من المال، شهرياً، في البطاقات، لاستخدامه بحسب حاجتها)؛ والثاني يعتبر أن الأفضل والأسرع هو توزيع قسائم دعم لأسعار المحروقات حصراً، انطلاقاً من أن هذا القطاع هو الأكثر كلفة (كلفة الدعم تتخطّى 300 مليون دولار شهرياً).
لكن بين الفريقين ثمّة قطبة تعرقل التقدم في الملف. بعض المشاركين في الاجتماعات يؤكد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يزال غير متحمّس لتحمل المسؤولية بالنيابة عن الطبقة الحاكمة التي أطاحت به عندما عمل بخلاف إرادتها، ثم تريد منه أن يغطي قرار تخفيف الدعم نيابة عنها. في المقابل، فإن الفريق الآخر، ويتقدّمه المصرف المركزي يريد الإسراع في هذه الخطوة ليس بسبب الشحّ في الدولارات فحسب، بل لعدم تحميل حكومة سعد الحريري هذا العبء في حال تشكيلها.
رغم ذلك، وتحت ضغط مجلس النواب، تسعى الحكومة المستقيلة منذ أكثر من أسبوع للوصول إلى نتائج عملية تؤدي إلى تخفيف الدعم عن السلع مقابل توجيهه إلى محتاجيه فقط. لكن المشكلة الفعلية التي تواجه اقتراح البطاقة التمويلية حالياً هي الخلاف بشأن الجهة التي تموّلها. الحكومة تصرّ على أن يكون التمويل من المصرف المركزي، انطلاقاً من أن البرنامج هو استكمال للدعم الموجّه للسلع، لكنّ في المصرف المركزي إصراراً مقابلاً على ضرورة أن يكون تمويل البطاقة عبر الجهات المانحة.
وزارة الاقتصاد تجمع الأمرين، تشير إلى أن المصرف المركزي يجب أن يكون رافعة المشروع، إضافة إلى تخصيص الحكومة موازنة للمشروع. كما يفترض أن يكون البنك الدولي، الذي يدعم المشروع، من المموّلين له. وهو، بحسب الخطة، يتوقع أن يؤمّن قروضاً ومنحاً تغطي دعم 240 ألف أسرة، أي ما يعادل 1.3 مليون شخص يشكّلون 32 في المئة من اللبنانيين.
تجدر الإشارة إلى أن وزير المالية وقّع مع البنك الدولي محضر اتفاقية قرض بقيمة 246 مليون دولار مخصّص لمشروع شبكة الأمان الاجتماعي وأزمة الطوارئ والاستجابة لـ«كوفيد ـــ 19». ويأتي التوقيع تنفيذاً لقرار من مجلس الدفاع الأعلى يفوّضه التفاوض مع البنك. وبعيداً عن الإشكالية القانونية المتعلقة بهذا التفويض، فإن القرض يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء أولاً، ثم موافقة مجلس النواب. لكن في المقابل فإن مصادر مطلعة تؤكد أن المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جاه أخذ الأمر على عاتقه، وقد تم بالفعل تحويل المحضر إلى مجلس إدارة البنك للموافقة عليه. علماً أن المبلغ يغطي تلقائياً نحو ٢٠ في المئة من المشمولين في البطاقة (حسب خطة وزارة الاقتصاد)، وبالتالي هو يشكل حكماً جزءاً منها.
بعدما كانت الخطة تشير إلى حصول كل شخص راشد في الأسرة على 50 دولاراً مقابل 25 دولاراً (في السنة الأولى) لمن لم يتخطّ عمره الـ23 عاماً، أشارت مصادر وزارة الاقتصاد إلى أن تعديلاً جرى على المبلغ المخصص للفئة الثانية، بحيث يصبح 30 دولاراً للفرد. وعليه، فإن أسرة من خمسة أشخاص، بالغَيْن وثلاثة أولاد، ستحصل على 190 دولاراً في الشهر، على أن يتناقص هذا المبلغ كل عام.
تشير التوقعات إلى احتمال تسجيل نحو 550 ألف أسرة في البرنامج، لكن لم يُحسم بعد ما إذا كان المبلغ المخصّص لكل عائلة سيُدفع بالدولار النقدي أو بالليرة اللبنانية حسب سعر صرف في السوق (ما يعادل مليوناً ونصف مليون ليرة، على أساس سعر صرف 8000 ليرة للدولار).