الملايين من الأميركيين الذين فقدوا وظائفهم خلال وباء كورونا تخلّفوا بآلاف الدولارات عن دفع فواتير الإيجار والمرافق، وهي علامة تشير إلى نفاد أموال الناس لتلبية الاحتياجات الأساسية.
إذ تحذر وكالة “موديز” من أنّ ما يقرب من 12 مليون مستأجر سيدينون بمتوسط 5،850 دولاراً لأصحاب المنازل والمرافق بحلول نهاية يناير/ كانون الثاني. في الشهر الماضي، قال 9 ملايين مستأجر إنهم متأخرون في دفع الإيجار.
واستناداً إلى بيانات وزارة العمل الأميركية، فإنّ أعلى معدل لطلبات إعانة البطالة الجديدة في السوق الأميركية، خلال الأزمة المالية العالمية، سجل في 19 فبراير/ شباط 2009، بـ667 ألف طلب جديد. إلا أن هذا الرقم يعتبر أقل بـ10 مرات من أعلى رقم سجلته السوق الأميركية لمعدل طلبات الإعانة، في نهاية مارس/ آذار الماضي، والبالغ 6.86 ملايين طلب إعانة جديد.
وتحملت الحكومة الفيدرالية، منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، ما يقرب من 10 مليارات دولار من تعويضات البطالة الاستثنائية كل شهر، وفقاً للقانون الذي أقره الكونغرس.
يقول الاقتصاديون إن البيانات تؤكد الكارثة المالية المتفاقمة للعديد من العائلات، حيث يواصل الوباء وقف فرص العمل، مما يضفي ضغطاً جديداً على المفاوضات حول جولة ثانية من التحفيز التي يمكن أن تعيد التأمين ضد البطالة الفيدرالي والمساعدة بالإيجار، من بين أشكال أخرى من المساعدة.
يوم الإثنين، كان المشرعون يعملون على إصدار مخطط لآخر حزمة بقيمة 908 مليارات دولار، والتي حظيت ببعض الدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وقال مساعدون في الكونغرس إن الصفقة ستعيد تشغيل 300 دولار من البطالة الفيدرالية الأسبوعية في يناير وتستمر حتى إبريل/ نيسان، على الرغم من أن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد.
المخاطر كبيرة بالنسبة لحوالي 20 مليون أميركي يتلقون نوعاً من مساعدات البطالة، والذين شهدوا تضاؤل الشيكات الأسبوعية منذ أغسطس/ آب، مما يجعل من الصعب دفع الفواتير، وفق صحيفة “واشنطن بوست”. ومن المقرر أن يتم قطع استحقاقات حوالي 12 مليون عاطل عن العمل بالكامل في نهاية العام ما لم يتخذ المشرعون إجراءات قبل ذلك.
مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، توقف الانتعاش الاقتصادي ولا تزال فرص العمل نادرة. عاد 245 ألف شخص إلى الوظيفة فقط في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي أبطأ وتيرة منذ بدء الانتعاش. تظهر البيانات أن المطاعم وتجار التجزئة يوقفون الوظائف، بينما يغلق المزيد من الشركات الصغيرة.
كانت أعداد المتخلفين عن سداد الإيجار والمرافق مرتفعة بشكل خاص بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال، حيث تخلف 21% عن الإيجار. أفاد مكتب الإحصاء بأن حوالي 29% من العائلات السوداء و17% من المستأجرين من أصل إسباني كانوا متعثرين. وجد تحليل منفصل أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، والذي يبحث في الأشخاص الذين كانوا لديهم وظائف قبل الوباء، أن 1.3 مليون من هذه الأسر يبلغ متوسط ديونها الآن 5400 دولار على الإيجار والمرافق، بعد أن فقد هؤلاء الأشخاص وظائفهم وانخفض دخل أسرهم.
“موجة المد قادمة” يقول تشارلي هراك، كبير المحامين في المركز الوطني لقانون المستهلك، مضيفاً: “سيكون الأمر مروعاً حقاً للناس. عدد الأشخاص الذين تأخروا عن دفع الإيجار يتزايد بشكل كبير”.
تعثرت نيكي كورنويل، في دفع إيجار 4000 دولار وتخشى طردها بعد عيد الميلاد مباشرة. تم قطع المياه عن منزلها يوم الإثنين. قدم صاحب المنزل الأوراق بالفعل، وتم تحديد تاريخ محاكمتها في 5 يناير/ كانون الثاني – بعد انتهاء صلاحية وقف الإخلاء الفيدرالي.
“أنا متأخرة على إيجاري”. قالت كورنويل، لـ “واشنطن بوست”، وهي التي تعيش مع والدتها وطفليها: “سأطرد قريباً مع أطفالي الموجودين في مدرسة افتراضية ويحتاجون إلى الإنترنت. لقد مررت بلحظات سيئة، ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل”.
فقدت كورنويل (36 سنة) وظيفتها في مارس/ آذار في مصنع يعبئ الشاي. أصيبت بفيروس كورونا في مايو/ أيار. في إحدى الليالي المخيفة، اتصلت برقم 911 لأنها شعرت بأنها لا تستطيع التنفس. لقد تعافت في الغالب لكنها ما زالت لا تشم أي شيء. كان لديها عرض عمل الشهر الماضي، لكن تم إلغاؤه مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا وقررت الشركة التراجع عن التعيينات. كانت تحصل على 275 دولاراً أميركياً في الأسبوع من صندوق البطالة، لكن ذلك انتهى للتو. لقد رهنت المجوهرات وألعاب ابنها لدفع ثمن الطعام.
تمكن العديد من الأميركيين العاطلين عن العمل من تأخير دفع الإيجار هذا الخريف بموجب وقف الإخلاء. لكن هذه الحماية تنتهي قريباً، ويتوق أصحاب العقارات والمرافق إلى الحصول على أموالهم، لأن لديهم فواتيرهم وضرائبهم الخاصة لدفعها. يحذر الاقتصاديون من أن الأسر ذات الدخل المنخفض لن تتمكن من سداد الإيجار لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر دفعة واحدة، وفق “واشنطن بوست”.
من المقرر أن ينتهي تعليق الإخلاء الفيدرالي في 31 ديسمبر/ كانون الأول، حتى مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا وتباطؤ الانتعاش الاقتصادي. يقول باحثون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، إن حتى توقعاتهم المتحفظة تحذر من أن عمليات الإخلاء سترتفع بنسبة 50% العام المقبل.
من المقرر أن تنتهي صلاحية البطالة والإجازات المرضية ومساعدات الإسكان في غضون أسابيع، مما يهدد الأميركيين بالخراب.
يتزايد قلق الملاك والمرافق من أنهم سيضطرون إلى تحمل هذا الدين. وسط هذه الضغوط، يحث المستأجرون وأصحاب العقارات الكونغرس على الموافقة على مدفوعات بطالة أكبر وجولة أخرى من شيكات التحفيز البالغة 1200 دولار، والتي من شأنها أن تقطع شوطاً طويلاً نحو المساعدة في تخفيف عبء الديون عن العاطلين عن العمل. تقول عائلات عدة إنها تخلفت عن سداد فواتير هذا الخريف بعد انتهاء مدفوعات البطالة الإضافية البالغة 600 دولار في الأسبوع، في أواخر يوليو/ تموز.
لكن حتى الآن، لا يزال القادة الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس متباعدين بشأن صفقة تحفيز، والتي كانوا يناقشونها منذ يوليو. يتضمن حل وسط من الحزبين تم كشف النقاب عنه الأسبوع الماضي 25 مليار دولار لمساعدة الإسكان الإيجاري، لكن الحزمة التي أصدرها زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي) لم تتضمن أي أموال للإسكان أو المرافق. يتضمن قانون أبطال الديمقراطيين في مجلس النواب 50 مليار دولار خصيصاً للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض، وفق “واشنطن بوست”.
تظهر بيانات من جمعية المصرفيين للرهن العقاري أن 9 مليارات دولار من الإيجار لم يتم جمعها في الربع الثالث. بدون هذه الأموال، يكافح أصحاب العقارات لدفع ضرائب الممتلكات والتأمين وتكاليف الصيانة الأخرى، مما يزيد من الضغط على الاقتصاد.
وبلغ عجز الموازنة الأميركية ما يقرب من 2.74 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهو ما يؤكد تجاوزه مبلغ 3.7 تريليونات دولار الذي توقعه مكتب الموازنة التابع للكونغرس للعام كاملاً قبل ما يقرب من شهرين. ويمثل العجز الأعلى في تاريخ أميركا، أكثر من 250% من أكبر عجز تم تسجيله من قبل، وكان 1.4 تريليون دولار، في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2009.