على رغم تأخر اقرار الموازنة 7 اشهر عما نص عليه الدستور، لا تزال تقبع في مجلس الوزراء بحجة الحاجة الى مزيد من الدرس وسط تأكيدات عدد من الخبراء الإقتصاديين على عدم تضمنها اي اصلاحات حقيقية واقتصار اهدافها على الاطر المحاسبية بهدف خفض العجز المالي.
تحليلات كثيرة رافقت الموازنة، ويبقى ابرزها ما افصح عنه لموقعنا المدير السابق للمحاسبة العامة في وزارة المالية النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان امين صالح، حيث كشف ان المعلومات الحقيقية عن الموازنة غير مفصح عنها، لجهة الناتج الوطني، فما يتم تداوله اليوم يأتي في اطار التقديرات.
وشدد على ان “المحاولة لخفض العجز الى 7 او 8 في المئة من الناتج الوطني هي عملية تقدير نظرية، لعدم صحة حساب الناتج القومي، وتصوير الامر وكأنه تخفيض للعجز بالنسبة الى الناتج، وهو عملية تهريب او تضليل لإبعاد التفكير عن الخلل الاساسي في المالية العامة.”
ويرى صالح ان “هذا الخلل هو تفاقم الدين العام، وتعاظم فوائده التي تشكل حوالي 40 في المئة من الانفاق الحكومي و56 في المئة من واردات الدولة”. ويشدد على ان “مشروع الموازنة يقتضي ان يكون تعبيرا عن خطة الحكومة لمواجهة الدين وخدمته، هذا الدين الذي يؤدي الى انحسار الاموال عن الاستثمار في القطاعات المنتجة، سواء في الزراعة او الصناعة، اذ شكل ذلك سبب حقيقي لعدم النمو الاقتصادي، حيث ان النمو بحسب وزير المالية بلغ حوالي 0،94 في المئة”.
ويعتبر انه “طالما ان الموازنة لا تعكس الخطة الاقتصادية للحكومة، فهي بالنتيجة ليست اكثر من جدول يضمن اعتماد الواردات والنفقات من دون محاولة التأثير ايجابا في الاقتصاد ورفع مستوى الرفاه الاجتماعي”.
ويوضح صالح ان مجموعة الضرائب التي يتضمنها مشروع الموازنة بهدف تخفيض العجز، سترخي بثقلها على المستهلك النهائي، وستؤدي الى خفض القوة الشرائية للطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة، وبالتالي سينتج عنها ضعف في الطلب على الاستهلاك، فيؤدي ذلك الى جمود وانكماش في الاقتصاد، ولا يحمي الصناعة الوطنية”.
وقال: “اذا كانت الحكومة جادة في حماية الصناعة فلتفرض حماية جمركية على المواد الاولية التي تدخل في التصنيع، او التي لها مثيل في لبنان، ولا يجب ان تفرض ضرائب على جميع السلع والمواد الغذائية التي لا مثيل لها في لبنان.”
ويلفت صالح الى ان كل الضرائب يجب ان لا تحشر في قانون الموازنة، لانه معد لسنة واحدة. اذ ان قوانين الضرائب دائماً ما تعد في قوانين خاصة بها، وهي انعكاس لسياسة الدولة الضريبية التي يجب ان تعد وتناقش في ضوء الاهداف العامة الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى الدولة الى تحقيقها”. ويكشف صالح ان “هذه الموازنة لا تتضمن اي سياسة اقتصادية، مالية واجتماعية، بدليل ان وزير المالية اعد مشروعا تضمن 62 مادة، بينما النسخة ما قبل النهاية اصبحت 82 مادة، وهذا يدل على فقدان الرؤية من الاساس”.
ويؤكد ان “هذا العجز الظاهر في مشروع الموازنة ليس صحيحا، يجب ان يضاف اليه انفاق الخزينة على الكهرباء، ودفع الديون الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وديونها للمقاولين وغيرهم”.