أبو سليمان: من الجنون عدم البدء بالتوجه نحو الدّائنين

الدولة لبنانية، بمسؤوليها وخبرائها، ليست واثقة بعد، مما يجب فعله حيال استحقاق “اليوروبوند” في آذار.

لكل منطقه وحججه حيال الخطوات الواجب اتخاذها، فيطالب البعض بالتخلّف، وهذه الأصوات هي الأعلى على السّاحة السياسية والاقتصادية والشعبية، فيما ينادي القسم الآخر بضرورة السّداد حفاظاً على سمعة لبنان.

وفي ظل هذا الصراع، برزت أخبار مؤكّدة، تفيد حصول بعض التلاعب بأسعار السندات اللبنانية بهدف جني أرباح.

فماذا ينتظر لبنان فيما يخص استحقاق سداد الدّين؟ وما الخطوات الأفضل لاتخاذها؟ وهل تسمح مالية الدّولة بتأمين دفعات

اليوروبوندز” للاستحقاقات المقبلة؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها لـ “الاقتصاد” ​الخبير الاقتصادي​ د. وليد أبو سليمان:

ماذا ينتظر لبنان فيما يخص استحقاق سداد الدّين؟

“للأسف، بات معلوماً ومؤكداً أن ​الوضع المالي​ للدّولة مأزوم، ونحن في أزمة مالية ونقدية، وفي الوضع الطبيعي فإن أي مدين يرى نفسه مأزوماً فإنه يطلب تأجيلاً في الدفع أو إعادة التفاوض على حجم ونسبة الفوائد وهذا ما يقوله المنطق.

المنطق، والعقل يقولان إنه يجب إعادة هيكلة الدّين العام، وأن نتوجّه إلى الدّائنين، وأهمّهم الدّائنين الخارجيين، وأن نطلب منهم عبر برنامج واضح، إعادة جدولة أو هيكلة للدّين.”

القيام بهذه الخطوة ماذا يتطلب إجراءات من لبنان؟

“يطلب بالدّلة الأولى البرنامج الواضح، ومحامون متخصصون في هذا الشأن، عبر شركة أو مكتب عالمي للمحاماة سبق أن عمل في هذا الموضوع، ومساعدة خبراء ماليين في هذه العمليات.”

هل تسمح مالية الدّولة بتأمين دفعات “اليوروبوندز” للاستحقاقات المقبلة؟

“في ظل الشح في الدّولار، والمخزون الموجود في ​مصرف لبنان​ الذي يعدُّ بمثابة “كنز ثمين” بالنسبة للبنانيين، ليكون بمقدور الدّولة تأمين الأساسيّات، وخلق شبكة أمان صحيّة، وغذائية واجتماعية، من خلال تأمين الأكل و​المحروقات​ والدّواء والمستلزمات الطبيّة.”

ماذا عن سمعة لبنان والنظرة إليها في حال تخلّفه عن السداد؟

“نحن بالأصل وفي ظل تصنيفنا، لا يمكننا أصلاً التوجه إلى الأسواق الدّولة للإستدانة، لأن الكلفة ستكون عالية جدّاً، وهذا ما أكدّته خطوة وزارة المالية، بغضّها النّظر عن الإصدارات التي كانت تنوي القيام بها للإستدانة.”

إذا قامت الحكومة بدفع استحقاق آّذار كيف برأيك ستتعامل مع الاستحقاقات المقبلة؟

“ليس هناك مهرباً من التخلّف، إذا قامت الحكومة بدفع استحقاق آذار واستطاعت دفع استحقاق نيسان، فإنه في ظل هذا الوضع القائم، من المستحيل ألّا تتخلّف بعد حين.

هناك 45 مليار دولار من ​سندات الخزينة​ مع فوائدهم، خلال 27 استحقاقاً تمتدّ من آذار المقبل وحتى العام 2033.

ومن الجنون عدم البدء من اليوم، بالتوجه نحو الدّائنين، والبدء بالتفاوض معهم على أساس برنامج منطقي وواضح، يشمل هيكلة أو جدولة للدين مصحوبة بإصلاحات.

إن التفاوض أفضل من النزاعات والدّعاوى بين الدّولة اللبنانية والدّائنين.”

في حال قرر لبنان عدم الدّفع.. ما الإجراء الواجب اتخاذه اليوم؟

“لدى لبنان 20 يوماً لإعطاء إشعار إلى حملة سندات الخزينة من الأجانب، ويجب أن تقوم الحكومة بإطلاع هذه الجهات على أنها تريد البدء بعملية تفاوض.

يجب أن تكون هناك موافقة من 75 % من حملة سندات الخزينة، حتى يكون باستطاعة الدّولة الشروع في هيكلة أو جدولة للدّين العام، على وزارة المالية والقيمين ومصرف لبنان، بالتعاون كما ذكرنا مسبقاً مع مجموعة من المحامين، خبراء في هذا المجال، البدء بالإجراءات لأنه ليس لدينا إلّا أيّاماً قليلة لإبلاغ حاملي السّندات بخطة الدّولة.”

هل تختلف الإجراءات في حال كان غالبية حملة السندات من الأجانب؟

“هنا يجب تصحيح بعض المعلومات، حيث أنه من غير الصحيح ما يتم إشاعته عن أن 90 % من حاملي السندات التي تستحق في آذار، هم داخليين، بل هناك 30 % من الأجانب تحمل هذه السندات، وشهدت هذه النّسبة أيضاً زيادة في ظل الأزمة.”

هل يمكن ملاحقة المتلاعبين بأسعار السندات اللبنانية بهدف جني أرباح؟

يمكننا ملاحقة من تلاعب بالسّندات، وبالأخص السندات التي تحوّلت من مقاصة لبنان، وهي الـ “Med clear”” إلى الـ “Euroclear”، وبالطبع فإنه تلقائياً يمكن معرفة حاملي هذه السّندات.

ومن الممكن أن تكون هناك شركات تمثّل واجهة لبعض الأشخاص والجهات، وهذا يتطلب تحقيقات من قبل الدّولة.”

كيف تصف الحمل الملقى على وزير المال الجديد في ضوء الأزمة الحالية؟

“موقف وزير المال حالياً صعب للغاية، ولا يستطيع أخذ القرار وحده، ووصل إلى الوزارة لمواجهة أزمة متشعّبة تعدُّ مصيرية للبنان والمالية العام للدّولة، ويجب أن يكون هناك تكاتفاً وتضامناً من جميع المسؤولين للقيام بالخطوات الواجب اتخاذها فيما يخص استحقاقات الدّين.”

المادة السابقةإيرادات نفط ليبيا الخام بلغ صفر دولار
المقالة القادمةتراجع أسعار الذهب الى 1567.94 دولار للأوقية