الحد الأدنى “العصيّ” على التغيير

يُقفل العام 2021 على حد أدنى للأجور يعادل 675 ألف ليرة. الاجتماعات المتتالية لـ”لجنة المؤشر”، التي استُأنفت في نهاية تشرين الأول الماضي بعد انقطاع طويل، لم تتوصل إلى اتفاق يرضي العمال ويحوز على مباركة أرباب العمل. الخرق الوحيد الذي تحقق كان رفع بدل النقل إلى 65 ألف ليرة، ولكن مع وقف التنفيذ بانتظار الاجتماع الحكومي.

بحدٍ أدنى ثابت منذ العام 2012، أصبح يعادل 25 دولاراً، وبدل نقل 24 ألف ليرة، يشكل 7 في المئة من سعر صفيحة البنزين، ولا يكفي لنقل العامل من “البرج للناصرة”… سيعيّد عمال لبنان. ما فهم منه على أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى مليون و100 ألف ليرة في اجتماع لجنة الاقتصاد النيابية الأخير، ما هو إلا “ضربة سيف في الماء”. فالمشكلة ليست في ما يتقاضاه العامل فعلياً، إنما بما يقبل أرباب العمل التصريح عنه للضمان الاجتماعي.

يدفع رب العمل 20.5 في المئة من أساس راتب العامل كمساهمة في تمويل الضمان الاجتماعي. وهي تنقسم على الشكل التالي: 6 في المئة من أساس الراتب لصندوق التعويضات العائلية. و6 في المئة من أصل 9 في المئة لصندوق المرض والأمومة. و8.5 في المئة لصندوق نهاية الخدمة. وعليه، كلما زاد الراتب المصرح به كلما تحمّل رب العمل تكاليف أعلى. وهذا ما يعتبرونه تجنياً. ولا سيما في ظل الانكماش الاقتصادي وتراجع الانتاج. والمشكلة الأكبر هي أن رفع الحد الأدنى للأجور يرتّب على الضمان وأرباب العمل تعويضات نهاية خدمة باهظة جداً، تحتسب على أساس الراتب الأخير المصرح عنه مضروباً بعدد سنوات العمل.

منطق الأمور يفترض أن ما يتقاضاه معظم العمال اللبنانيين يزيد عن مليون ليرة. وهناك قسم كبير من أرباب العمل لم ينتظر تعديل الحد الادنى للاجور من أجل تحسين ظروف عماله وزيادة ما يتقاضونه من بدلات ومساهمات. إلا أن الهاجس الحقيقي يبقى في مكان آخر، بحسب ما يستشعر الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة د. أنيس بوذياب. وهو يرتبط بكيفية احتساب تعويض نهاية الخدمة”. فعند هذه النقطة يتفق الجميع على أن التصريح بالراتب الحقيقي من جهة، وإدخال المساهمة الاجتماعية التي اتفق عليها في لجنة المؤشر بقيمة مليون و300 ألف ليرة على أساس الراتب من جهة ثانية، سيفلس المؤسسات. ولا سيما إذا ما طبقت هذه المعادلة على الأجراء الذين سيتقاعدون خلال هذا العام أو الذي يليه. فعندها ستضرب تعويضاتهم بثلاث أو أربع مرات على أقل تعديل وهذا ما تدعي المؤسسات الخاصة باستحالة تحمله.

هذه المعضلة لم تجد طريقاً لها للحل في اجتماعات لجنة المؤشر. وذلك على الرغم من بعض المخارج القانونية التي طرحت والتي كان منها على سبيل المثال: إمكانية الاستفادة من “تمديد المهل” لاعفاء الزيادة المتفق عليها من المساهمات في الضمان، على أن يبدأ احتسابها في الوقت الذي يتم فيه تطبيق الحد الأدنى الجديد للاجور.

ما يستحق التوقف عنده وتسليط الضوء عليه عند طرح رفع الحد الأدنى للاجور وتعديل مساهمات أرباب العمل في الضمان الاجتماعي أمران:

الأول، هو عدم ملاحظة الضمان إلا متأخراً أن تصاريح نسبة كبيرة من المؤسسات غير واقعية. ولا سيما مع وجود إحصاءات تدل على أن أكثر من نصف العمال المسجلين في الضمان ما زالوا يتقاضون أقل من مليون ليرة حتى في العام 2020. وهو ما فوت مداخيل بمليارات الليرات على هذه المؤسسة الحيوية.

الثاني، يتمثل باستمرار عجز الدولة عن تسديد ما يقرب من 5000 مليار ليرة من مستحقات هذه المؤسسة على الرغم من انخفاض قيمتها الحقيقية من 3.3 مليارات دولار إلى 185 مليوناً. وبحسب المعلومات فان البنك الدولي رفض اعطاء قرض بهذه القيمة لتسديد مستحقات الضمان.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةخط الغاز المصري للبنان وسوريا..الموافقة الأميركية قد لا تصل
المقالة القادمةالقطاع الصناعي يكابد… والحاجة أم الإبتكار