“الطاقة” تزرع فشل الخطط والمواطنون يحصدون العتمة الكالحة

لم يعد هناك من تقنين في التيار الكهربائي، بل انقطاع تام، وصل في الكثير من المناطق إلى 22 ساعة يومياً. الساعتان التي تأتي فيهما الكهرباء مقسّمتان واحدة في الصباح وأخرى في المساء. الإنتاج تدنى نهاية الأسبوع الماضي إلى أقل من 700 ميغاواط من أصل حاجة تتجاوز 3200 ميغاواط في فصل الصيف. وهو يتركز حالياً على معملي الجية والذوق القديمين، اللذين نالا “جرعة” فيول مؤخراً، وينتجان نحو 300 ميغاواط. فيما معملا دير عمار والزهراني الأساسيان (ينتجان نحو 900 ميغاواط) خرجا من الخدمة الفعلية. كذلك الأمر بالنسبة لمعملي الجية والذوق الجديدين. الباخرتان المنتجتان لنحو 370 ميغاواط توقفتا عن العمل نهائياً. معملا بعلبك وصور ينتجان أقل من 120 ميغاواط. والمعامل الكهرومائية نحو 270 ميغاواط. ومع التدني الهائل في الإنتاج من المتوقع أن تُفصل المعامل عن الشبكة، ويتوقف توزيع الكهرباء مطلع الأسبوع الحالي، ويغرق البلد في العتمة الكالحة.

أمام هذا الواقع الأسود، برز موقفان مفصليان: الأول لمدير عام هيئة “أوجيرو” عماد كريدية الذي غرد قائلاً: إن الإرتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة ‎ للمؤسسة، وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي أيضاً. وإن استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جدياً امكانية “أوجيرو” بتقديم الخدمات. مستشهداً أنه بلّغ. والموقف الثاني صدر عن تجمع أصحاب المولدات، الذي أعلن عدم قدرته على تعويض ساعات الإنقطاع الطويلة لكهرباء الدولة. وأن أصحاب المولدات سيعمدون إلى تقنين ما لا يقل عن 5 ساعات يومياً. وبحسب رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة في لبنان عبدو سعادة فإن “وصول ساعات الإنقطاع إلى 22 و23 ساعة، وعدم القدرة على توفير المازوت، وإن توفر فبأسعار السوق السوداء، يجبراننا على إطفاء المولدات 5 ساعات في الأربع والعشرين ساعة.

إعلان منشآت النفط في طرابس والزهراني قبل يومين تسليم 200 شركة موزعة 20 مليون ليتر من مادة المازوت بالسعر الرسمي، يقابله، بحسب بيضون، فقدان الثقة بأي مرجع نتيجة اختلاف الواقع على الأرض، فـ”من غير المعروف كيف تتوزع هذه الكميات وما مقدار ما يذهب منها للتخزين والإحتكار والتهريب.

صفقة البواخر، الفيول المغشوش، عدم تطبيق قوانين الشراكة مع القطاع الخاص، الفشل في بناء معمل دير عمار رغم كل التسهيلات، عدم رفع القدرة على التخزين، المراوحة مكاننا في إنتاج الطاقة من الرياح منذ العام 2017، عدم معالجة الهدرين التقني وغير التقني اللذين يستنزفان 50 في المئة من كلفة الكهرباء، بقاء التعرفة نفسها من دون تغيير، الفشل في زيادة الإنتاج، القرارات الظنية والتحقيقات التي لم تصل إلى أي مكان… عوامل كثيرة زادت فاتورة الكهرباء من دون أن تؤمن أي كيلواط إضافي. و”ما وصولنا إلى الحائط المسدود إلا النتيجة الحتمية للعبث لفترات طويلة، بالخطط والمشاريع المبنية على أشخاص ينقصهم النضج والمعرفة والجدية والمسؤولية”، يقول بيضون، و”اليوم يدفع البلد ثمناً غالياً لذلك النهج الرهيب.

في ظل التخبط والعشوائية في الأرقام والمعطيات وأمام غياب الإتفاق السياسي على الإصلاح وفقدان الامل بأي مساعدة خارجية، فإن البلد سقط أخيراً بالعتمة.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«الحاكم» ينشر العتَمة: الدولارات للمازوت لا لكهرباء لبنان
المقالة القادمة«عاجزون» عن الزواج: إلى «المساكنة» مع الأهل؟!