المدن الذكية ضرورة أملتها الثورة الصناعية الرابعة

في كتابه “المدن الذكية: الخصائص والنماذج والفرص والتحديات”، يناقش الدكتور إيهاب خليفة رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبوظبي ظاهرة المدن الذكية ويدرس المقصود بالمدينة الذكية من حيث أهم خصائصها وسماتها والتكنولوجيات القائمة عليها ونمط حياة السكان فيها، بالإضافة إلى النماذج المختلفة التي يمكن تبنّيها عند قيام الحكومات بالتخطيط لهذا النمط من المدن، كما يناقش باستفاضة التهديدات والتحديات التي تواجه نموذج المدن الذكية، ويأخذ دولة سنغافورة كحالة دراسة تطبيقية.

وتتعدّد الأسباب التي تدفع الدول إلى تبنّي نماذج المدن الذكية، وفقا لخليفة، والتي منها زيادة عدد السكان بمُعَدَّلات غير مسبوقة، وتضخُّم المدن الحالية، واستفحال مشاكلها التقليدية، والرغبة في الاستفادة من مكتسبات الثورة الصناعية الرابعة والتقنيات الذكية في التغلب على هذه المشكلات. وتضاف إلى كل ذلك أسباب أخرى متعلقة بالرغبة في زيادة مُعَدَّلات التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة البشرية ومواجهة المخاطر والتهديدات الأمنية. وفضلا عن ذلك، هناك بعض مظاهر الحياة الذكية التي باتت منتشرة داخل كافة المجتمعات، المتطورة وغير المتطورة، بصورة تجعل عملية التحول المتكامل نحو مفهوم المدينة الذكية أمرا ليس معقدا.

يرى خليفة أنه في المنطقة العربية تتبنى الإمارات العربية المتحدة نماذج لمدن ذكية، وتمثل دبي أحد أهم المدن الذكية الأسرع نموا في العالم، حيث قامت بإطلاق مبادرة “دبي مدينة ذكية” في أكتوبر 2013، وهي المبادرة التي تتضمن 500 خدمة ذكية، وتم في إطارها تدشين مشروع “سيليكون بارك” على امتداد 150 ألف متر مربع وبتكلفة تُقدر بـ300 مليون دولار، كما دشّنت دولة الإمارات أيضا مدينة “مصدر” في أبوظبي، التي تم تصميمها لتكون مدينة ذكية وصديقة للبيئة والتنمية المستدامة.

كما شهدت دول شمال أفريقيا مبادرات على الصعيد ذاته، حيث أعلنت المملكة المغربية تحويل ست مدن رئيسية (تشمل الدار البيضاء، والرباط، وطنجة، وفاس، وإفران، ومراكش) إلى مدن ذكية بحلول عام 2026، مع إنشاء عدة مدن ذكية مستدامة تعتمد على طاقة الشمس والرياح، كما أعلنت مصر هذا العام عن إطلاق الجيل الرابع من المدن المصرية الذي يقوم على فكر المدن الذكية، وتعتزم تطبيقه في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينتي العلمين الجديدة وشرق بورسعيد.

أوضح خليفة أن “الذكاء بتعريفه “Smartness” هو التعريف الأكثر شمولا، سواء أكان للبعد الفني المتمثل في الأجهزة والنظم، والاستشعارات والذكاء الاصطناعي أو في بعده الاجتماعي المتمثل في العلاقات الإنسانية، والتخطيط العمراني وعلاقته بالمكون التكنولوجي، في حين أن الذكاء بتعريفه “Intelligent” يقتصر على الجانب الفني الذي يهدف إلى تطوير النظم، وتعليم الآلات، لكي تكون قادرة على اتخاذ قراراتها بصورة ذاتية ومستقلة، ولذلك نُطلق على الذكاء الاصطناعي مُصطلح “Artificiel Intelligence”. بينما يشير مصطلح المدينة الرقمية إلى خدمات الاتصالات ذات النطاق العريض المدمجة مع البنية التحتية، والتي تُسهِّل عملية التواصل بين المواطنين والحكومة والأعمال، ولذلك كل ما يشار إليه بـ Intelligent هو بالضرورة “Digital”، وليس العكس صحيحا. أما المدينة الافتراضية أو “Virtual City” فهو مصطلح يقوم على تقسيم المدينة إلى قسمين، قسم مادي يتمثل في النظم والأجهزة والبنى التحتية، وقسم افتراضي يتمثل في الفضاء السيبراني باعتباره الوسيط الذي يضم جميع هذه العناصر مع بعضها البعض، في حين يأخذ مُصطلح “Smart” جميع هذه المفاهيم والعناصر السابقة، من نُظُم وبنى تحتية وإنترنت، بالإضافة إلى البعد الأهم، وهم الأفراد أنفسهم، جوهر المدينة الذكية، فضلا عن البعد الحضري والاجتماعي أيضا.

مصدرالعرب اللندنية - محمد الحمامصي
المادة السابقةمشروع نيوم السعودي مستمر في استقطاب الشركات
المقالة القادمةوزني يوعز بإعطاء 300 مليون ليرة بموجب سلفة خزينة لصالح الدفاع المدني