بايدن يقر أخيراً باحتمالية «الركود الاقتصادي»

فيما تزداد الانتقادات المتصاعدة للإدارة الأميركية وسياسات «الاحتياطي الفدرالي» (البنك المركزي الأميركي) بأخطاء تسببت في الإشراف على الركود؛ بل الإضرار بباقي الاقتصادات حول العالم وجرِّها إلى مصير مُشابه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الثلاثاء، أنه لا يظنّ أن الولايات المتحدة ستشهد ركوداً اقتصادياً، معتبراً أنه في حال حصل هذا الأمر فإن هذا الركود سيكون «طفيفاً جداً».

وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، قال بايدن: «لا أعتقد أنه سيكون هناك ركود اقتصادي، إذا حصل ركود اقتصادي فسيكون طفيفاً جداً… هذا ممكن».

ويأتي إقرار بايدن بإمكانية أن يشهد أكبر اقتصاد في العام ركوداً، بُعَيد الدعوة التي أطلقها صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، إلى المصارف المركزية «للتحرك بحزم لإعادة التضخم إلى معدّله المستهدف».

وقال صندوق النقد، في تقرير، إنه بهدف مواجهة التضخم الذي يسجل أعلى مستوياته منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، والذي يُخشى أن يصبح «راسخاً»، على المصارف المركزية أن تواصل رفع أسعار الفائدة.

كانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا قد دعت، الخميس، المصارف المركزية إلى «مزيد من الإرادة للتحرك الآن ومعاً»، مشيرة إلى أن «هناك حاجة مُلحّة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد».

وازدادت معدّلات التضخم بسبب تضرر الاقتصاد العالمي جرّاء جائحة «كوفيد-19» واضطرابات سلاسل التوريد. وتفاقم التضخّم مؤخراً جرّاء الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على أسعار المواد الغذائية والطاقة.

وقال الصندوق، يوم الثلاثاء، إن أحدث توقعاته الخاصة بآفاق الاقتصاد العالمي يُظهر أنه من المرجح أن ينكمش ثلث الاقتصاد العالمي بحلول العام المقبل، وذلك مع انطلاق أول اجتــــــماعات سنوية بالحضور الشخصي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ ثلاث سنوات.

وأفاد كبير الاقتصاديين في صندوق النقد بيير أوليفييه جورينشاس، في بيان، بأن «الاقتصادات الثلاثة الكبرى؛ الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو، ستستمر في التعثر. باختصار، الأسوأ لم يأت بعد، وبالنسبة لشعوب كثيرة سيشهد عام 2023 ركوداً».

وأشار صندوق النقد إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، العام المقبل، سيتباطأ إلى 2.7 %، مقارنة بتوقعات بلغت 2.9 % في يوليو (تموز) الماضي، في الوقت الذي يؤدي فيه ارتفاع أسعار الفائدة إلى تباطؤ الاقتصاد الأميركي ومواجهة أوروبا صعوبات مع ارتفاع أسعار الغاز، فيما تعاني الصين مع استمرار إجراءات الإغلاق بسبب «كوفيد-19» وتراجع قطاع العقارات.

وأبقى الصندوق على توقعاته للنمو لعام 2022 عند 3.2 %، مما يعكس إنتاجاً أقوى من المتوقع في أوروبا، ولكن أداء أضعف في الولايات المتحدة، بعد نمو عالمي نسبته 6 % في عام 2021.

وطوال الفترة الماضية، تزايدت الانتقادات الحادة للنظام الأميركي نفسه بالضلوع في الأزمة العالمية. وقبل أيام قال الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان إن الولايات المتحدة تتجه إلي ركود كان من الممكن تجنبه بسبب السياسات الاقتصادية غير الحكيمة.

وقال العريان، لصحيفة «ذا هيل» الأميركية: «أخشى أننا في خطر كبير من حدوث ركود مدمر». وفي رأيه، ارتكب «الاحتياطي الفدرالي» الأميركي أخطاء «ستدرج في كتب التاريخ».

وعلى وجه الخصوص، وصف العريان مثل هذا الخطأ بأنه تقييم غير صحيح للوضع حول بداية التضخم، والذي كان يعتبر مؤقتاً، ومن ثم لا يحتاج إلى رد.

وأوضح أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة أيضًا عندما أصبح من الواضح أن هذا التضخم مرتفع وطويل الأجل.
كما انتقد العريان زيادة سبتمبر (أيلول) في سعر الفائدة الرئيسي لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي.
وأشار إلى أن الاحتياطي الفدرالي يواجه، الآن، مهمة؛ ليس فقط التغلب على الأزمة، ولكن أيضًا «استعادة سلطته بعد رد الفعل المتأخر».

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةانخفاض في أسعار النفط مع ارتفاع الدولار
المقالة القادمة«النقد الدولي» يحذر من «الأسلحة التقليدية» لمواجهة «معضلة التضخم»