“تجاذبات الساسة” تحرم الجمركيين من الترقيات

ما دخلت التجاذبات السياسية بين أحزاب المنظومة المتحكّمة بمفاصل المؤسّسات الحكومية، الا وخربتها، وحوّلتها ساحة صراع طائفي ومذهبي ومحاصصاتي، ليتشظّى من ارتداداتها ألف عنصر من الجمارك، ليصبحوا منذ 15 عاماً ضحايا ضياع حقوقهم بين “حانا” المجلس الأعلى و”مانا” المديرية العامة للجمارك، فحالت دون توسيع عدد ملاك الضابطة الجمركية الذي لا يزال على حاله: “60 رقيباً، فيما الذين يحقّ لهم بالدخول ألف”، ما يعني حرمان العناصر على مدار 15 سنة من الترقية تدريجياً بناءً على عدد سنين الخدمة أسوة بباقي الأجهزة العسكرية.

يعتبر المرسوم 1802/79، (تاريخ 27 شباط 1979)، أنّ الضابطة الجمركية قوّة عامة مسلّحة كما جميع الأجهزة العسكرية الأخرى، تقوم بأعمال عسكرية من مراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية وسائر الأماكن الخاضعة للرقابة الجمركية، إضافة الى عمل التحرّي عن التهريب وضبطه بمؤازرة القوى العامة المسلّحة كافة والإدارات الرسمية. ما يحتّم على المديرية العمل توسيع ملاك الضابطة الجمركية، وأن يسري على عناصرها مفعول القانون الذي يسري على قوى الأمن الداخلي والجيش.

يعتذر العريف الجمركي (أ. ص) عن عدم ذكر كامل هويته “لأنّ الموظف يحتاج الى إذن مسبق للتصريح للإعلام”، ويسأل عبر “نداء الوطن”: “كيف يعقل أن يخرج الموظّف الى التقاعد بعد 35 سنة خدمة برتبة عريف، أو أن يتساوى العنصر الذي تطوّع منذ فترة قصيرة بالرتبة مع من له أكثر من 15 سنة خدمة”؟ ليتابع شارحاً الإشكالية: “القانون واضح، ولا سيّما المادة 29 من المرسوم 1802/79 والمدّة المطلوبة للترقية لرتبة أعلى هي كالتالي: لرتبة عريف سنتان في رتبة خفير، ولرتبة رقيب أربع سنوات في رتبة عريف، على أن تخفّض لثلاث سنوات لمن يحمل شهادة البكالوريا القسم الأول، ولرتبة رقيب أول ثلاث سنوات في رتبة رقيب، أمّا لرتبة معاون فأربع سنوات في رتبة رقيب أول”.

فيما العريف ح. ع. يؤكّد أنّه منذ 27 سنة خدمة لم يحصل الّا على ترقية واحدة، من خفير الى عريف، ليضع اللوم على التجاذبات السياسية، داخل المؤسسة بين المجلس الأعلى للجمارك وبين المديرية العامة.

عريف منذ أكثر من 25 سنة، يتحدّث عن مشكلته مقارناً بأحد أقاربه الذي أصبح برتبة مؤهّل في الجيش وبأقلّ منه في عدد سنين الخدمة، يقول: “صرنا نستحي من ولادنا، بيقولوا لنا اننّا كسلانين “ما عم نجيب” علامات لنترفّع”. ليردف أنّه و69 عنصراً آخرين هبرتبة عريف بعد مرور أكثر من 25 عاماً. ويعتبر: “انّ الضابطة الجمركية مشكلتها في ضيق ملاكها، وتوسيع الملاك يحتاج الى تفاهم واتفاق بين المجلس الأعلى والمديرية العامة للجمارك، لأنّنا كعناصر ندفع ثمن خلافاتهم وحساباتهم”، ويشرح أنّ عدد عرفاء الضابطة الجمركية 992 عريفاً أصبح لهم في الخدمة أكثر من 15 سنة، والبعض منهم له أكثر من 24 سنة، سيحال غالبيتهم على التقاعد تباعاً بحكم السنّ القانونية.

مصدر جمركي يؤكّد أنّ سبب الظلم هو الاشكالية بين المجلس الأعلى والمديرية العامة، في إعتبار أنّ لكلّ منهما حساباته، ويقول: “إنّ المديرية العامة منذ 2005 تعارض توسيع الملاك كي لا يتمّ ترقية العناصر التي التحقت بالسلك خلال الأعوام 1993، 1994 و1995 بتطويع أكثر من /920/ خفيراً (من مختلف الإختصاصات) في ملاك الضابطة الجمركية بالرغم من انّها تقدّمت باقتراح قانون معجّل مكرّر الى مجلس الوزراء، الا أنّه كانت لها حسابات طائفية في عديد الرتباء، كون الذين تطوّعوا في تلك الفترة أكثريتهم من المسلمين. ويتابع المصدر أنّ الاشكالية الحالية تتوسّع مع دخول موظّفين جدد يكونون بذات الرتب لمن له أكثر من 10 سنوات”.

وفي هذا الإطار، وجّه أفراد عائلات رتباء وأفراد الضابطة الجمركية كتاباً إلى مديرية الجمارك العامة، للمطالبة بتسوية أوضاع رتباء وأفراد الضابطة الجمركية.

 

مصدرنداء الوطن - أسامة القادري
المادة السابقةشمالاً: حتى الهجرة نحو محلّات “البالة” مكلفة أيضاً
المقالة القادمة“صندوق النقد الدولي” يتوقع نمو الاقتصاد الصيني 7.9% خلال 2021