رُفع الدعم قبل ترشيده؟

وقع المحظور ودخلت البلاد في مرحلة رفع الدعم، من دون المرور بالمرحلة الانتقالية التي تفترض ترشيد الدعم وخفضه تدرجياً الى حين رفعه بالكامل. فبعد مناشدات مصرف لبنان المتكرّرة الى الحكومة والمعنيّين، بالتوصل الى قرار حول ترشيد الدعم وخفض كلفته، لأنّ مصرف لبنان لم يعد يملك الامكانيات المالية لتدعم ما قيمته 6 مليارات سنوياً، وبعد ان نضب احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية واستُنزف على سياسة دعم لم تؤد سوى الى هدر اموال المودعين، قرّر مصرف لبنان أخذ المبادرة منفرداً، عبر الإعلان عن تعديل آلية الدعم، من خلال الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان، قبل إتمام أي عملية استيراد للسلع المدعومة.

وقد أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كتاب أرسله إلى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، عن «تعديل آلية بيع الدولار بالسعر الرسمي مقابل الليرة، بحيث تتطلب الآلية الجديدة الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان لأي طلبات جديدة».

وفي حين لم تُبلّغ وزارة الاقتصاد والتجارة بعد بتفاصيل الآلية الجديدة، من المتوقع عقد اجتماع بين الطرفين في اليومين المقبلين لتوضيحها وتحديد السلع التي ستبقى مدعومة. إلّا انّ مصادر معنيّة أوضحت لـ»الجمهورية»، انّ قرار البنك المركزي جاء بعد بلوغه سقف الاحتياطي الالزامي، وعدم تمكنه من السير بسياسة الدعم القائمة، من خلال منح موافقات مباشرة لكل الطلبات التي ترده عبر الوزارات المختصة، او من خلال اضطراره الى تسديد قيمة فواتير المستوردات التي يقوم التجار باستيرادها وبيعها بالسعر المدعوم، قبل تقديم الطلبات والحصول على موافقات الوزارات او مصرف لبنان.

ووفقاً للآلية الجديدة، سيُحظّر على الشركات والتجار الاستيراد قبل الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان، مما اعتبرته المصادر بمثابة «ترشيد للترشيد»، حيث سيتقلّص عدد السلع الغذائية المدعومة الى مستويات متدنية جدّا قد لا تتخطّى أصابع اليد. مقدّرة ان يستمرّ الدعم فقط على السلع التي تمسّ بالأمن الغذائي مثل القمح والخميرة والسكر وحليب

وبما انّ طلبات الدعم كافة متوقفة حالياً، فإنّ السلع الغذائية التي تحظى باستهلاك كبير والتي لا يتمّ تخزينها، مثل اللحوم والدواجن وغيرها، أصبحت اليوم غير مدعومة. ورغم انّها شبه مفقودة من الاسواق، إلّا انّه سيُعاد طرحها وبيعها ولكن بأسعار أكثر بـ 3 الى 4 أضعاف الاسعار المدعومة. أما السلع الغذائية المدعومة الاخرى، والتي يوجد مخزون منها في المستودعات، فقد علمت «الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد في صدد الطلب من كافة المستوردين الذين استفادوا من الدعم، بتقديم تقرير محاسبي من قِبل شركة تدقيق متخصّصة عن المخزون المتبقي من السلع المدعومة، لمتابعته مع حماية المستهلك في السوق، لأنّه من غير المنطقي ان ترتفع أسعار السلع التي يوجد مخزون منها بين ليلة وضحاها، ويجب ان تحافظ على السعر المدعوم الى حين نفاد كامل المخزون. ولكنّ السلع الغذائية الاخرى كاللحوم والدواجن تبدّلت أسعارها وأصبحت غير مدعومة!

في هذا السياق، أعلنت نقابة الصيادلة، « انّ غياب آلية واضحة للدعم من جهة وتقاعس مصرف لبنان عن التوقيع على فواتير استيراد الدواء من جهة أخرى، وعدم وضوح آلية اصدار البطاقات التمويلية ومصدر تمويلها إن وجد، وما اذا كان الدعم سيستمر بهذه الضبابية، وضع بثقله على القطاع الصيدلاني. فها هي الشركات المستوردة باشرت ومنذ اكثر من أسبوع، اعتماد سياسة تسليم الدواء بالقطارة قطعة واحدة او لا شيء، والصيدلي يدفع الثمن.

أما بالنسبة الى المحروقات، فأكّد ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا في تصريح امس، أنّ «شائعات كثيرة بُثّت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول رفع الدعم عن البنزين، ونحن كموزّعين لم نتبلغ أيّ مشروع برفع الدعم، وسعر البنزين لم يرتفع».

مصدرجريدة الجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةمعنويات المستثمرين بمنطقة اليورو الأعلى منذ مارس 2018
المقالة القادمةالمنَصَّة… الكلام في الفشَل يُسابِق الإطلاق