«كارادينيز» تغادر بمليار دولار: البواخر تودّع بساعة تغذية بدل 24!

الباخرتان اللتان فُصلتا عن شبكة الكهرباء في 30 أيلول لا تزالان في مكانهما، في انتظار تحديد شركة «كارادينيز» تاريخ نقلهما إلى تركيا. تحديد الموعد كان ينتظر الأجواء المناخية الملائمة. وبحسب المعلومات، حُسم الأمر منذ أيام، وسيصل «الطرّاد القاطر» (سفينة الشحن) إلى الجيّة لسحب «أورهان بيه» في 20 تشرين الأول الجاري، على أن يعود لاحقاً لسحب «فاطمة غول»، تمهيداً لإخضاعهما لصيانة تمتد لنحو خمسة أشهر.

خلال تلك الفترة، أنتجت الباخرتان 22 مليون ميغاواط ساعة، بكلفة إجمالية بلغت ملياراً و180 مليون دولار، حصلت الشركة منها على 880 مليون دولار، فيما أسهمت الأزمة الأخيرة التي عصفت بلبنان بتوقف «كهرباء لبنان» عن الدفع منذ كانون الأول 2019، في مراكمة هذه المستحقات لتصل إلى نحو 220 مليون دولار، لم يتم الاتفاق على آلية دفعها.

المبلغ الذي يُقارب المليار دولار أعاد النقاش إلى البدايات. إلى سبب وجود الباخرتين اللتين كان يُفترض أن يكون دورهما محصوراً بتعويض النقص الذي سينتج من تأهيل معملي الزوق والجية حينها، تمهيداً لتنفيذ خطة زيادة الإنتاج بمقدار 700 ميغاواط، بحسب خطة الكهرباء لعام 2010. لكن النتيجة كانت أن المؤقّت استمر ثماني سنوات (العقد الأول حُددت مدته بثلاث سنوات ومُدّد لسنتين، ثم لثلاث سنوات)، أسهمت الباخرتان خلالها بتأمين 27 في المئة من إجمالي الإنتاج، فيما فشلت الدولة في إنشاء أي معمل، باستثناء معمليّ الجية والزوق اللذين كان قد بدأ العمل بهما قبلاً، بقدرة إنتاجية تبلغ 270 ميغاواط وبكلفة وصلت إلى 370 مليون دولار.

للمناسبة، تؤكد مصادر مطلعة أن الحكومة لم تتواصل مع الشركة أبداً منذ ما قبل انتهاء عقدها. فخسارة 27 في المئة من الإنتاج كان يمكن أن يؤدي إلى استنفار شامل في أي بلد آخر، لكن في لبنان حتى وزارة الطاقة لم تهتم ببحث الأمر مع الشركة.ألا يستحق الظرف الحالي مجرد محاولة للتأكد مما إذا كانت الشركة، ومن خلفها تركيا، مستعدة لمساعدة لبنان، من خلال الإبقاء على الباخرتين بأسعار تنافسية أو ربما كهبة، بخاصة إذا كان بالإمكان تشغيلهما على الغاز؟

لا بد من الإشارة هنا إلى أن فكرة الهبة لطالما كانت حاضرة. فالشركة نفسها سبق أن استقدمت باخرة لمدة ثلاثة أشهر من دون مقابل، كما سبق أن أشار وزير الطاقة السابق جبران باسيل في 10/11/2011، أثناء عرض ملف «استئجار الطاقة الكهربائية بواسطة المحطات العاملة على البواخر» على مجلس الوزراء، أن «أحد العروض المقدّمة عرض تقديم الباخرة هبة للدولة بعد مرور سبع سنوات. ولذلك، فإن مسألة الهبة كان يمكن أن تشكل جزءاً أساسياً من أي عقد استئجار الطاقة»، وهو ما لم يتحقق، بل على العكس حصلت الشركة التركية على عقد بقيمة 5.9 سنت للكيلوواط، قبل أن يخفض بعد ثلاث سنوات إلى 4.9 سنت، مع حوافز مرتفعة كانت محل تشكيك العديد من الجهات المعنية، ومنها التفتيش المركزي، الذي أصدر قراراً في 8/5/2013 اعترض فيه على تضمين العقد بنداً يسمح للشركة بالحصول على مكافأة Bonus في حال حققت وفراً في الفيول المستهلك، على أساس 214 غراماً لكل كيلوواط ساعة.

واعتبر أن توفير غرام واحد من الفيول سيؤدي إلى إكساب المتعهد مكافأة بأكثر من أربعة ملايين دولار مقابل استفادة محدودة للمؤسسة بحدود 170 ألف دولار فقط، أما إذا استطاع المتعهد توفير 24 غراماً فإنه يحصل على مكافأة تتجاوز 104 ملايين دولار. علماً أن تحديد معدل الوفر عند 214 غراماً للكيلو واط الواحد أثار الكثير من الأسئلة، خصوصاً أن المعامل الجديدة في الذوق والجية تعمل بمحركات مطابقة لمحركات البواخر وتستهلك 194 غراماً فقط للكيلوواط!

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةمافيا المدارس الخاصّة: «تشليح» على عين الوزارة!
المقالة القادمةمحطات النبطية: مقفلة لتحقيق الأرباح