كيف سيتمّ تحديد سعر الدولار عبر المنصّة؟

تنطلق المنصّة الالكترونية في اجواء لا يمكن البناء عليها للقول انّها ستحقّق الفرق الذي كان يأمل البعض حصوله لجهة تأمين نوع من الاستقرار المرِن في اسعار الصرف في السوق الحرة. وبانتظار ما ستؤول اليه مبادرة مصرف لبنان لإراحة اللبنانيين، لا يبدو انّ الراحة ستعرف طريقها الى الناس في المرحلة المقبلة.

من أهم الامور التي توضحت، تلك المتعلقة بهوية من يحق له الحصول على الدولارات أو الليرات من المنصّة الالكترونية. وفي حين كان الاعتقاد السائد أنّ عمل المنصّة سينحصر بالمستوردين وبعض الجهات التي لديها مبررات مُقنعة لشراء الدولار، أوضح مصرف لبنان في تعميمه، انّ المصارف تستطيع عبر المنصّة «تأمين الحاجات التجارية والشخصية لعملائها، أياً تكن صفتهم، وفقاً للعرض والطلب في السوق».

في المقابل، ستؤمّن المنصة الالكترونية شفافية كبيرة لانسياب الدولار في السوق الحرة، وسيصبح في مقدور مصرف لبنان مراقبة السوق بدقة، ومعرفة تحركات سوق الصرف بيعاً وشراءً، ومعرفة هوية من يشتري ويبيع، وبالتالي، سيكون في مقدور المركزي ان يعرف عندما تحصل مضاربات مشبوهة لأسباب تجارية أو سياسية. وهذا تطور ايجابي، خصوصاً في ظل التوجّس الموجود لدى البعض، من وجود مؤامرات دائمة تهدف الى رفع سعر الدولار اصطناعياً. وقد شهدنا هذا النوع من الشكوك عندما ارتفع الدولار الى 15 الف ليرة، واستدعى رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان وسأله عن اسباب هذا الارتفاع غير المبرّر. بوجود المنصّة يستطيع الحاكم ان يجيب بالتفصيل الممل ماذا يجري في السوق الحرة، ويبيّن اذا ما كان هناك من يشتري الدولار لمجرد زيادة الطلب ورفع السعر، وممارسة ضغوطات سياسية على هذا أو ذاك.

في المحصلة، ومن خلال مضمون التعاميم التي صدرت، ومن خلال الوقائع المعروفة سواء لجهة القدرات المالية لمصرف لبنان، أو لجهة السيولة الدولارية التي تستطيع ان تؤمّنها المصارف لسوق الصرف، يمكن التأكيد انّ سعر الليرة لن يكون ثابتاً بعد المنصّة، بل سيبقى عرضة لأهواء السوق المرتبطة بدورها بالحاجة والواقع. وبالتالي، واذا لم يطرأ جديد يخفّف من منسوب التشاؤم القائم، ومن الحاجة المتزايدة الى دولار غير متوفر، ينبغي ان نتوقّع استمرار انهيار الليرة في المرحلة المقبلة، ولن تكون المنصة اكثر من وسيلة لتشريع سوق الصرف الحرة، بدلاً من تركها في الشارع تحت مُسمّى السوق السوداء.

مصدرجريدة الجمهورية - أنطوان فرح
المادة السابقة“قاتلة Camry” الصينية تستعد لغزو الأسواق
المقالة القادمةالموعد مع العتمة يقترب والدولة نائمة