هل يكون الإعلام 939 مقدّمة لملاحقة البنوك أم تمهيداً لإرجاع الودائع الصغيرة؟

أثار طلب “المركزي” من المصارف العاملة في لبنان تزويده بأرصدة ودائع الزبائن لديها بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية بثلاثة تواريخ مختلفة، عاصفة من التساؤلات والتكهنات. فما خلفية “الإعلام”؟ وما هي الأسباب الموجبة لإصداره متأخراً بعد نحو سنة ونصف السنة على انفجار الأزمة؟

الأكيد أن الإعلام رقم 939 “ليس روتيناً إدارياً يقوم به مصرف لبنان”، يقول المستشار المالي د. غسان شمّاس، فـ”البنوك تبلّغ “المركزي” تلقائياً مرتين في الأسبوع بحركة الودائع الداخلة والخارجة، لكي يتم تعديل الإحتياطي الإلزامي بشكل مواز”. إلا أنه كما يظهر، فان هذه العملية التي تسمى Real-Time Gross Settlement (RTGS) لم تعد كافية بالنسبة لمصرف لبنان ليحدد إن كانت المبالغ المسحوبة من الودائع هي بالدولار النقدي أو اللولار.

في الظاهر، يبدو “الإعلام” إحصائياً، إنما في الباطن يحمل تأويلات كثيرة؛ أولها إنتهاء أيام “النوم في العسل” بين “المركزي” والمصارف. فالإصرار على معرفة حجم الودائع بتاريخ 31-12-2015 و 31-9-2019 كما في 31-3-2021، من دون أن تشمل الحسابات في 31-3-2021 أية حسابات مفتوحة بعد تاريخ 31-10-2019 وأية أموال جديدة في الحسابات القائمة، “يمكّن مصرف لبنان من معرفة الحسابات بالدولار التي جرى التحويل منها إلى الخارج بعد 2015 ونهاية 2019″، بحسب شمّاس، أمّا “عدم طلب أسماء أصحاب الحسابات، لغاية الآن، وعدم تقسيم المبالغ بالدولار المطلوب الإفصاح عنها إلى شطور، يعني أن اهتمام المركزي منصب على المصارف بشكل خاص، وعلى التحويلات التي أجرتها إلى الخارج.

الرجوع إلى أرصدة ودائع الزبائن بالليرة والعملات الأجنبية في نهاية العام 2015، “يُظهر أساس الحسابات ومعرفة حجمها، فيما التدقيق في الودائع بنهاية تشرين الأول 2019 يبيّن حجم الأرصدة قبل تهريب الأموال إلى الخارج”، برأي الخبير المصرفي ميشال قزح، والهدف “إجراء إحصاء دقيق لمعرفة قدرة المصارف على إرجاع نسبة من ودائع الدولار للمودعين، بعد تطبيق قانون الكابيتال كونترول وتوقف الدعم”.

إنطلاقاً من تصريح حاكم مصرف لبنان في 15 شباط 2020 أمام رئيس الجمهورية أن قيمة العملات الأجنبية في المركزي تبلغ 21 مليار دولار، وبالنظر إلى ما تم إهداره شهرياً من احتياطي الودائع الأجنبية على الدعم، يمكن الإستخلاص، بحسب قزح، أن “المبلغ المتوفر من العملات الأجنبية في المركزي لغاية نهاية نيسان الفائت يبلغ 9 مليارات دولار. ما يعني عملياً تخطي المركزي حاجز الإحتياطي الإلزامي بحوالى 6 مليارات دولار، إذا افترضنا أن الإحتياطي 15 ملياراً”.

هذا المبلغ المتبقي، سيعمد “المركزي”، بتقديرات قزح، إلى “توزيعه على المودعين بعد توقف الدعم”. المعادلة التي يجري البحث فيها هي إعطاء 85 في المئة من صغار المودعين الذين يملكون أقل من 50 ألف دولار كامل ودائعهم، بكلفة تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار، وبأقساط شهرية تقدر بين 200 و 500 دولار. إلا أن هذه الفرضية تبقى مرهونة بالمعادلة التي ستعتمد، وبكيفية توزيع الإحتياطي على المودعين.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةنعي البطاقة التمويليّة: سلامة يجعل رفع الدعم أمراً واقعاً
المقالة القادمةالفرّوج إلى 100 ألف دُرّ والتهـريب إلى سوريا “شغّال”