آفاق قاتمة تحاصر نمو الشحن البحري العالمي

بثت تقييمات حديثة حول مدى استمرار تأثر صناعة الشحن البحري بالتقلبات العالمية التشاؤم والتخوّف من إمكانية حصول موجات تضخم جديدة مع احتمال تقلص عمليات التبادل التجاري.

وتوقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن تفقد وتيرة نشاط النقل البحري العالمي زخمها في العام المقبل، إذ تلقي الاضطرابات الاقتصادية والصراع في أوكرانيا وتداعيات الجائحة بثقلها على التوقعات التجارية.

ويشكل قطاع الشحن مرتكزا مهمّا لتجارة البلدان المطلة على البحر، ولم يكن أبدا في منأى عن الأزمات العالمية، وقد أثبتت الجائحة أنه معرّض لمثل تلك المشكلات.

واليوم يجد القطاع نفسه في مرمى الحرب في شرق أوروبا بسبب تنامي المخاوف من إمكانية تأثير تعطل عمليات شحن البضائع في آسيا على سلسلة التوريد العالمية.

وتشير تقييمات أكبر البنوك الاستثمارية في العالم إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيشهد المزيد من التباطؤ في 2023، بعد عام غلبت عليه تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع التضخم.

ومن المتوقع أن يؤثر التباطؤ على الملاحة البحرية، التي تنقل أكثر من 80 في المئة من التجارة المتداولة عالميا، إلا أن رسوم الشحن بالناقلات قد تظل مرتفعة.

وفي تقريره الذي ورد بعنوان “استعراض النقل البحري لعام 2022” توقع خبراء المؤتمر تراجع نمو التجارة البحرية العالمية إلى 1.4 في المئة هذا العام، وأن يظل عند نفس المستوى في 2023.

ويأتي هذا مقارنة بتقديرات تشير إلى نمو عند 3.2 في المئة عام 2021 وحجم شحن بلغ 11 مليار طن في المجمل، مقابل تراجع 3.8 في المئة عام 2020.

وفيما يتعلق بالفترة الإجمالية من 2023 إلى 2027، ذكر المؤتمر أنه من المتوقع أن يكون معدل النمو السنوي 2.1 في المئة، وهو معدل دون متوسط العقود الثلاثة الماضية الذي بلغ 3.3 في المئة. وأشار إلى أن “المخاطر السلبية تلقي بثقلها على هذه التوقعات”.

وجاء في التقرير أن “تعافي النقل البحري واللوجستيات معرّض الآن للخطر بسبب الحرب في أوكرانيا، واستمرار تأثيرات الجائحة، والقيود المستمرة على سلاسل التوريد، وتباطؤ اقتصاد الصين وسياستها الصارمة لاحتواء كورونا، إلى جانب الضغوط التضخمية وتكاليف المعيشة”.

ودفعت زيادة الإنفاق الاستهلاكي في العام الماضي أسواق الشحن بالحاويات إلى مستويات قياسية وأدت إلى تكدس في الموانئ في مختلف أنحاء العالم.

ودعا المؤتمر إلى الاستثمار في سلاسل التوريد البحرية لجعل الموانئ وأساطيل الشحن والوصلات الداخلية أفضل استعدادا للأزمات العالمية المستقبلية وتغير المناخ والانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.

وتتسق مخاوف أونكتاد مع تحذيرات منظمة التجارة العالمية من أن هناك آفاقا سلبية تنتظر الأسواق، في ظل التقلبات المستمرة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي.

وتوقعت نجوزي أوكونغو إيويلا، المديرة العامة للمنظمة، على هامش المنتدى العام السنوي للمنظمة في جنيف خلال نهاية سبتمبر الماضي انخفاض التجارة العالمية عن النسبة الحالية البالغة 3 في المئة، لأسباب من بينها الحرب وأزمتا الغذاء والطاقة الناجمتان عنها.

كما حملت تحذيرات صندوق النقد الدولي الشهر الماضي من ركود وشيك يتربص بالاقتصاد العالمي خلال 2023 في طياتها تأكيدا على أن محاولات ترميم آثار الأزمات المختلفة قد لا تأتي بنتائج إيجابية.

وقالت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا لرويترز حينها إن “الركود العالمي يمكن تجنبه إذا اتسمت السياسات المالية للحكومات بالاتساق مع تشديد السياسة النقدية”، لكنها رجحت دخول دول في ركود خلال العام المقبل.

ويأتي هذا القلق متسقا مع المخاوف التي أبداها البنك الدولي ضمن دراسة نشرها في سبتمبر الماضي وجاء فيها أن “العالم ربما يكون في طريقه نحو ركود عالمي مع رفع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة في وقت واحد لمكافحة التضخم المستمر”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةروسيا تلجأ إلى الهند لإنقاذ صناعاتها من قسوة الحظر الغربي
المقالة القادمةقفزة عملاقة للصين: الاستحواذ على صناعة السيارات الكهربائية والليثيوم