أبل تخوض غمار الميتافيرس في أخطر رهان منذ آيفون

اقتحمت أبل عالم الميتافيرس الذي يهيمن عليه عملاق التواصل الاجتماعي ميتا، إذ كشفت النقاب عن سماعة رأس للواقع المعزز أسمتها “فيجن برو”، وهي أخطر وأكبر رهان لشركة الإلكترونيات الأميركية منذ طرحها هاتف آيفون.

وقال رئيس أبل تيم كوك في كلمة قبيل كشف هذا “المنتج الثوري الجديد” خلال المؤتمر السنوي للمطورين الذي تقيمه الشركة، إنّ “مزج المحتويات الرقمية مع العالم الحقيقي سيتيح ابتكار تجارب جديدة لم نشهدها من قبل”.

وعقب إزاحة الستار عن الخوذة ارتفعت أسهم أبل اثنين في المئة إلى مستوى قياسي مرتفع عند نحو 184.95 دولار قبل الإطلاق، لكن الأسهم أغلقت على انخفاض طفيف بعد الإعلان.

ويشكل عرض فيجين برو أكبر عملية إطلاق لمنتج من الشركة منذ أن كشفت ساعتها الذكية أبل ووتش عام 2015. وبذلك، تكون قد طرحت نفسها منافسة لمجموعة ميتا، جارتها في وادي السيليكون، على أرض اختصاصها.

ويفترض أن يبدأ سعر فيجن برو من 3499 دولارا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف تكلفة أغلى سماعات رأس ميتا للواقع المختلط كويست برو، التي تهيمن حاليا على سوق سماعات الواقعين المعزز والافتراضي.

وتطرح أبل الخوذة التي ليست لاسلكية في الولايات المتحدة أوائل 2024 على أن تطرحها في المزيد من الدول في وقت لاحق من ذلك العام. وستتوفر خدمة ديزني+ للبث من والت ديزني على السماعة من بداية طرحها.

وسيكون المستخدمون لفيجن برو قادرين على تحديد المحتوى داخل النظارات بأعينهم، مع استخدام نظام كاميرا وميكروفون ثلاثي الأبعاد لالتقاط مقاطع مصورة وصور يمكن عرضها في شكل ثلاثي الأبعاد لاحقا.

وخوذة فيجين برو متصلة ببطارية يمكن وضعها في الجيب وتخدم لساعتين. ويمكن للمستخدمين اختيار درجة الانغماس في العوالم بفضل نقرة تتيح لهم الانتقال من الواقع المعزز إلى الافتراضي.

وقالت كارولينا ميلانيسي المحللة في كرييتف ستراتيجيز لفرانس برس بعد تجربتها “إنني مذهولة بسلاسة استخدام الخوذة”، مضيفةً “كنت في عالم غامر عندما بدأ أحدهم يتحدّث معي وكأن هذا الشخص واقف أمامي”.

وقال نائب رئيس الشركة المسؤول عن قسم التصميم ريتشرد هوارث “إذ اشتريتم أحدث جهاز تلفزيون ومكبرات صوت عالية الأداء وجهاز كمبيوتر قوياً ومزوّداً بشاشات كثيرة عالية الدقة وغيرها من الأجهزة المتطوّرة، فلن تصلوا إلى مستوى فيجين برو”.

وفي أوضح اختلاف بينها وبين سماعة ميتا كويست برو، تحتوي فيجين برو أيضا على شاشة خارجية تُظهر عيني المستخدم للأشخاص في العالم الخارجي.

وتصبح الشاشة الخارجية مظلمة عندما ينغمس المستخدم بالكامل في عالم افتراضي. وعندما يقترب شخص ما من مستخدم في الوضع الافتراضي الكامل، تعرض سماعة الرأس كلا من المستخدم والشخص الخارجي أحدهما للآخر. وقال آلان داي المسؤول في أبل “لن تنعزل أبدا عن الأشخاص من حولك. يمكنك رؤيتهم ويمكنهم رؤيتك”.

وتستخدم سماعة الرأس شريحة جديدة تسمى “آر1″، وهي مصممة لمعالجة المعلومات من مستشعراتها في وقت أقل من غمضة عين. وبالنسبة إلى استخدامات العمل، أوضحت أبل كيف يمكن استخدام سماعة الرأس مع لوحة التتبع ولوحة المفاتيح للعمل كجهاز كمبيوتر تقليدي مع شاشات متعددة.

ورأى يوري ورمسر المحلل في إنسايدر أنتيليجنس أنّ عرض الخوذة كان “مذهلاً”، مع أنّ “خيار وجود بطارية خارجية غريب بعض الشيء”.

وتابع “يبقى سؤالان رئيسيان لم نتلق أجوبة عليهما: من سيدفع 3500 دولار لحيازة هذه الخوذة؟ وهل الناس يرغبون فعلا بتجارب في الواقعين الافتراضي والمعزز من خلال خوذة غير لاسلكية؟”.

وتقول أبل إنها تعمل مع أدوبي ومايكروسوفت لوضع تطبيقاتهما على سماعة الرأس الجديدة، بالإضافة إلى يونيتي، وهي شركة تكنولوجيا تعمل مع مطوري الألعاب، والتي قفزت أسهمها بأكثر من 14 في المئة بعد الإعلان.

وتجاوز أبل توقعات مؤسس شركة في.آر دايركت الاستشارية في مجال الواقع الافتراضي رولف إيلّنبرغر لكنه انتقد عرضها بشكل محدد تطبيقات ثنائية الأبعاد (أفلام وألعاب فيديو).

وقال “كنت أتمنّى لو عرضت مزيداً من التطبيقات على 360 درجة. لكن عليها أولاً إنشاء نظام لإدارة محتوى جديد يتوافق مع القدرات التقنية”.

ويركز المستثمرون وعشاق التكنولوجيا على حد سواء على مدى تداخل رؤية أبل لسوق الواقع الافتراضي مع ميتا التي تستحوذ على أكثر من 80 في المئة من السوق نهاية 2022، وفقا لشركة كاوتنربوينت لأبحاث السوق.

وحدد رئيس ميتا التنفيذي مارك زوكربيرغ رؤيته لاستخدام سماعات الرأس وهي لدخول عالم الميتافيرس، حيث يمكن للناس أن يجتمعوا افتراضيا للعمل واللعب والإنفاق.

وأطلقت ميتا الخميس الماضي جهازا جديدا هو “كويست 3″، ويشكل “أول خوذة موجهة إلى العامة مع واقع مختلط بألوان عالية الدقة”، وسيُطرح للبيع في الولايات المتحدة خلال الخريف بسعر يبدأ بنحو 500 دولار.

ونهاية العام 2021، اعتمدت فيسبوك اسم “ميتا” لشركتها الأم، انطلاقاً من رؤية تقوم خصوصاً على اعتبار الميتافيرس مستقبل الإنترنت، بعد الويب وأجهزة المحمول.

وبحسب كاوتنربوينت، يستخدم نحو 35 مليون شخص حالياً خوذ الواقع الافتراضي مرة واحدة على الأقل شهريا في الولايات المتحدة، أو حوالي 10 في المئة من السكان.

وتشتهر المجموعة بأنها لا تُصدر منتجات جديدة إلا عندما يكون من المؤكد أنها ستُحدث ضجة كبيرة، مع طموحها في ترسيخ نفسها كمرجع من خلال بدء ابتكار منتجات فاخرة للشركات ولمحبيها.

وقال المحلل دان إيفز من ويدبوش “وأخيراً أُطلقت الخوذة”، مضيفاً “نعوّل على بيع 150 خوذة في السنة الأولى ومليون في العام التالي عندما ينخفض سعرها”. وبالإضافة إلى ميتا، أصدرت سوني وبيكو المملوكة لبايت دانس في الآونة الأخيرة سماعتين للواقع الافتراضي.

وذكرت شركة الأبحاث آي.دي.سي في تقرير أصدرته مؤخرا حول هذه السوق إن الشركات باعت ما مجموعه 8.8 مليون سماعة في العام الماضي.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالبنك الدولي غير متفائل باتجاه نمو الاقتصاد العربي في 2023
المقالة القادمةموظّفو “الضمان” ينتزعون حقّهم بالرواتب: الإسكافي لم يَعُد حافياً