أبو سليمان: المشكلة تكمن اليوم أننا نسابق الإنهيار وندخل الهاوية

ما بين ​الكهرباء​ و​سعر الخبز​ اللذان سيناقشهما مجلس الوزراء في جلسته غداً الثلاثاء، أُدرج موضوع التدقيق المالي على جدول الأعمال.

هذا الملف شهد تجاذباً كبيراً وانقساماً بين رأيين، الأول يدعو لاعتماد خيار التدقيق المحاسَبي العادي، والآخر يشدد على خيار التدقيق المالي الجنائي؛ ويرجع هذا الانقسام لأسباب سياسية أججها حديث عن ارتباطات شركة “كرول” الموكلة بإجراء هذا التدقيق بأكثر من جهاز مخابرات في المنطقة وعلى رأسها في “​إسرائيل​”.

وفي خضم هذا التجاذب تتسارع التطورات في ملف المفاوضات مع “​صندوق النقد الدولي​”، وتتزايد الضغوط للبدء بإجراء الإصلاحات المطلوبة وهو ما يحتّم الاتفاق والمضي سريعاً في خيار التدقيق المالي.

ويؤكد ​الخبير الاقتصادي​ د. وليد أبو سليمان في مقابلة مع “الاقتصاد”، أن التدقيق الجنائي يختلف عن التدقيق المحاسبي التقليدي، فالثاني يدقق في الحسابات والأرقام و​النتائج المالية​ وخلافها ويضع تقريره.

أمّا الأول فينظر في كل السجلات والمستندات والقيود من جانب احتمال تجاوزات وإساءة استخدام القواعد المالية والمصرفية، وتنفيذ سياسات مشكوك في تكلفتها وآثارها على ميزانية مصرفية لبنان ويكشف النقاب عن الجهات المستفيدة وما إذا كان هناك ​تبييض أموال​ أو اختلاسات في المصرف وخلاف ذلك. وله أن يعود إلى سجلات ​مصرف لبنان​ والقيود الإلكترونية واستعادتها وتظهيرها من جديد وكشف المخفي منها والملغى وتسمية الأطراف المستفيدة أفراداً و​مصارف​ وشركات وقوى سياسية وغيرها.

وعن الخلاف الحاصل حول ارتباط شركة “كرول” بـ “إسرائيل، قال أبو سليمان: “بعد 3 أشهر أي منذ تواصل الحكومة مع الشركة الأميركية في 24 نيسان الفائت، استفاق بعض الوزراء وأعلنوا اعتراضهم”.

وأضاف: “المشكلة تكمن اليوم أننا نسابق الإنهيار وندخل الهاوية، ورغم ذلك انتظرنا 3 أشهر حتى برزت الاعتراضات حول ارتباطات شركة “كرول”، فيما الاستمرار في هذه التجاذبات يؤدي إلى ضرب ما تبقّى من ثقة وصدقية للبنان، ويساهم في إيصال رسائل للخارج بوجود تقاعس واختلاف وتشابك بين القوى السياسية حول هذا الموضوع الحسّاس المتمثّل بالتدقيق المالي. يجب أن تكون تفرض المحاسبة على الجميع، وبما أن الخسائر غير المعروفة اليوم والتجاذب حولها يكمن في مصرف لبنان يجب البدء به، ليجري بعدها الإنتقال إلى باقي مؤسسات الدّولة التي فيها هدراً وفساداً وسرقة؛ الوقت ضيق اليوم، ويجب إيجاد نقلة نوعية”.

وأشار أبو سليمان فيما يختص التدقيق الجنائي المالي، إلى أن “لبنان سيتعامل مع شركات عالمية، لن تقوم على مدارات لبنان فيما يرتبط بالفساد، لأن هذه الشركات تهتم لمصداقيتها وسمعتها”.

واستغرب استمرار التجاذبات بين الأطراف السياسية والمالية حول الخسائر، الفشل المتواصل بالتوصل لتحديد حجمها.

وكشف أبو سليمان، أن “الخسائر ليست 150 ألف مليار ليرة في مصرف لبنان، إنما 171 ألف مليار ليرة”.

وحول انعكاسات التجاذبات حول التدقيق المالي على مفاوضات “صندوق النقد” الذي يطالب بإصلاحات سريعة، قال أبو سليمان، إن “الوقت ليس لصالح لبنان والوضع يتدهور يومياً، فيما المحادثات مع الصندوق منذ أيار لغاية اليوم لم تشهد بعد أي عرض لخطة لبنان الإصلاحية”.

وعبّر الخبير الاقتصادي عن المخاوف من تحوّل لبنان إلى دولة فاشلة تشهد تفلّتاً أمنياً واجتماعياً وقضائياً وانهياراً كلياً، في ضوء ما نشهده من انهيار في سعر صرف الدّولار وتفلّته، والفوضى والاضطرابات الاجتماعية والمعيشية.

وأكد أبو سليمان، أن تأثيرات بدء التدقيق المالي، إضافة إلى تحديد الخسائر، أنها “تساهم في إظهار لبنان كدولة تقوم بالإصلاحات وتحدد الخسائر وتبعث رسائل إيجابية، فيما التخبط يظهر أن الحكومة لا تريد أن تسير بتدقيق الأرقام وأن تقوم أي جهة بالمراقبة”.

وختم أبو سليمان بالقول: “الرافض لإجراء التدقيق المالي يدين نفسه، واليوم لا يوجد أي عامل مالي أو اقتصادي يمكن بناؤه دون عامل الثّقة، ولا يمكن ترميم الثّقة دون البدء بالمحاسبة والتدقيق”.

المادة السابقةأبو غزالة: مؤسسات مثلث “برمودا” مسؤولة عن أزمة لبنان
المقالة القادمةسوريا.. تأهيل محطة للكهرباء في دير الزور بعد سنوات على توقفها