يؤكد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في مقابلة مع “الاقتصاد”، أن “موضوع رفع الدّعم اليوم مرتبط بطريقة باحتياطي العملات الأجنبية، والمشكلة أن هذا الإحتياطي، جزء منه أو غالبيته، من أموال المودعين بطريقة غير مباشرة، حيث أن ودائع المصارف الخاصة بالمودعين موجودة في المصرف المركزي كشهادات إيداع تتخطّى الـ 80 مليار دولار”.
ويضيف: “إستعمل المركزي أموال المودعين، واليوم عند الوصول إلى الاحتياطي الالزامي، يؤكد المعنيون أنهم لا يريدون المساس بهذا الإحتياطي؛ وهذا كلام عظيم ومطلوب عدم التفريط بالدولارات”.
وحذر أبو سليمان، من أنه “إذا رفع الدّعم اليوم من دون وجود خطة فإن التداعيات ستكون كارثية على المواطن اللبناني، إذ إن هذه الخطوة كفيلة برفع مستوى الفقر لأعلى من 70% في حال رفع الدّعم. فيما البطالة ستقفز إلى نسبة 50%، بينما ستُسحق وتنعدم نهائياً القدرة الشرائية لأن بين 80 و85% من الشعب اللبناني مدخوله بالليرة اللبنانية”.
وأوضح أن رفع الدّعم يعني توجّه التجار إلى السوق السوداء لتأمين الأموال اللازمة للإستيراد وهي بحدود 600 مليون دولار شهرياً، وهو ما يعني طلباً قياسياً غير مسبوق، فيما السوق السوداء لا يتوفر على هذا الحجم من الدولارات، وبالتالي فإننا سنكون أمام واقع جديد، يتمثّل بشحٍ في الأدوية والمواد الغذائية الأساسية، ما يعرَض الأمن الغذائي والأمن الصحي والاجتماعي للخطر ويخلق إضطرابات مؤكدة.
وأكد أبو سليمان، أن المطلوب اليوم أن تنكب الوزارات على دراسة معمّقة، هدفها ترشيد الإنفاق على الدّعم، في الفترة المقبلة حتى التوصل إلى اتفاق مع “صندوق النقد الدولي” يؤمّن الدولارات.
وشدد على أن ترشيد الدّعم يجب أن يطال الفاتورة النفطية والدّوائية وغيرها، بحيث يتركّز الإنفاق على الأُسر الأكثر عوزاً وحاجة، والأشخاص أصحاب المصالح التي تؤمّن قوتها بشكل يومي؛ كما يجب ترشيد الدّعم على الدّواء، حيث توجد أدوية من الكماليات مدعومة حالياً، فيما من الضروري العمل على وقف التهريب والمضاربة في الأدوية والمحروقات.
وقال الخبير الاقتصادي، إن “خطوات ترشيد الدّعم يجب أن تساهم في تأمين فترة 6 – 7 أشهر من الدّعم للأسر الأكثر حاجة، يجري خلالها تشكيل حكومة تعيد المفاوضات مع “صندوق النقد الدولي”، المتنفّس الوحيد الذي من الممكن أن يوصلنا إلى الحد من الإنهيار الحالي”.
وأضاف، أن الحل الوحيد اليوم يتمثّل بعامل الثّقة، وذلك ظهر جليّاً قبل أسبوعين عندما أدّت انتكاسة مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ارتفاع سعر صرف الدّولار في السّوق السوداء. وبناء على الواقع الحالي، المطلوب تشكيل حكومة وبدء المفاوضات مع “صندوق النّقد الدّولي”، لأن المجتمع الدولي كان إشترط على لبنان بأن دعمه مرتبط بالمفاوضات والامتثال لشروط الصندوق، وظهر ذلك بعد تفجير مرفأ بيروت حيث رفضت الجهات الدولية دعم لبنان بسبب غياب الإصلاحات والمفاوضات”.
وختم أبو سليمان حديثه بالقول: “يعيش لبنان وضعاً حرجاً وصعباً للغاية، حيث بات الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي على المحك، والمطلوب إعادة المفاوضات مع “صندوق النّقد”، بالتوازي مع ترشيد الدّعم لأصحاب الحاجة فقط”.