أزمة الكهرباء تضع لبنان أمام تحدي التحول للطاقة البديلة

تفاقمت أزمة شح الطاقة الكهربائية في البلاد بالتزامن مع ارتفاع أسعار المشتقات وانهيار أسعار الصرف لمستويات قياسية، في وقت ترفض فيه شركات الطاقة تزويد البلاد بالوقود قبل حصولها على قيمة الشحنات. وأثر الطلب على الطاقة والكهرباء بشدة على الاقتصاد اللبناني إذ يشكل استيراد المحروقات ما يقرب من ربع عجز الميزانية، في حين أن الطلب على الكهرباء يفوق قدرة توليد الطاقة.

وعلى النقيض من ذلك، توفر تقنيات الطاقة المتجددة آفاقا لأنظمة طاقة وتدفئة نظيفة من مصادر محلية بالكامل. ولذلك يتبنى لبنان هدفا طموحا لتغطية 30 في المئة من استهلاكه للطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، لكن حتى الآن لا يزال عالقا في متاهة التمويل وتعقيدات جذب المستثمرين بسبب الوضع القاتم الذي تمر به البلاد.

وتضع هذه الظروف ناصر ياسين وزير البيئة في حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أمام تحديات متصاعدة، لاسيما أنه عبّر أكثر من مرة عن عزمه على إحداث تغيير في الواقع البيئي المترهل في لبنان منذ سنوات. وعلى طاولة الوزير الجديد حزمة من الملفات الشائكة تتمحور حول توفير الطاقة ومجابهة تحديات بيئية والاقتداء بتجارب دول مجاورة في مجال الطاقة المتجددة. ويقابل ذلك شح في الميزانية المالية المرصودة، نظرا للصعوبات التي تواجهها البلاد.

ويرى ياسين في مقابلة مع وكالة الأناضول أن التجربة التركية في مجال توليد الطاقة الكهربائية عبر مصادر الطاقة المتجددة ستكون نموذجا سيخطو لبنان نحوه لخفض الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. ويؤمن ياسين بضرورة التوجه نحو توطين الطاقة البديلة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة، تمهيداً لبناء “اقتصاد أخضر”، لكن الاعتماد على تركيا قد لا يكون ذا فائدة كبيرة إذا لم يكن هناك تعاون مع دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط لديها تجربة في هذا المضمار مثل مصر والسعودية والإمارات.

ولا يملك لبنان مشروعات كبرى في مجال الطاقة المتجددة، ويعتمد بأكثر من 95 في المئة من الطاقة المولدة على المصادر التقليدية القائمة على الوقود والغاز الطبيعي. ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً. ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة قد أجرت دراسة بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه اللبنانية والمركز اللبناني للطاقة بهدف ترشيد الطاقة ووضع السياسات التنظيمية والمالية والتحديات المتعلقة بالقدرات للتغلب على العوائق في متابعة خطط التحول نحو إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة.

ووجدت الدراسة أن لبنان يمكن أن يحصل بشكل واقعي وفعال من حيث التكلفة على 30 في المئة من إمدادات الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. لكن القيام بذلك يتطلب تسريعا كبيرا ومضاعفة الحصة المتوقعة من الخطط والسياسات القائمة بشكل فعال.

ويوصي التقرير بسبعة إجراءات رئيسية لتسريع امتصاص البلاد لمصادر الطاقة المتجددة، من بينها تنفيذ لوائح أكثر استقرارًا وتكاملًا لنشر الطاقة البديلة واعتماد تدابير جديدة للتطبيقات الصغيرة واستكمال الأهداف الوطنية بأهداف الطاقة المتجددة الخاصة بالتكنولوجيا. وإلى جانب ذلك العمل على ضبط أدوات التمكين لتركيب التدفئة والتبريد وإصلاح إطار السوق الحالي لزيادة الاستثمارات وضمان قابلية المشروع للتمويل وتعزيز الشبكة وإجراء تقييمات لتأثير الشبكة المحلية وضمان توافر التمويل وتعزيز دور القطاع الخاص.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةعُمان تضع الابتكار محورا لآفاقها الاستثمارية الخضراء
المقالة القادمةميقاتي ترأس اجتماعا تناول موضوع تأثير التضخم على جمع النفايات