أين ذهبت الأسمدة المدعومة ولصالح من اختفت؟

حتى الزراعة في مأزق، لم تسلم من الأزمة بل كانت ضحية لغياب الدعم بالرغم من أهميتها في هذه الفترة، إذ تعتبر من الاقتصادات الثابتة التي تعتمد عليها كبرى الدول إلا في لبنان. فهي على الهامش، لم تحظ يوماً بدعم الحكومات المتعاقبة، حتى حين خرجت وزارة الزراعة في حكومة تصريف الأعمال لتدعم المزارع بالأسمدة والأدوية وحتى البذار، كان دعماً وهمياً، لم تصل الى المزارع، بل كان التجار، للحصول على سماد مدعوم، يفرضون على المزارع شراء كيس سماد غير مدعوم. أما الأدوية والبذار فتبخّرت قبل ان تصل للمزارع، الذي وقع بين سندان شراء الادوية وفق سعر الصرف ومطرقة المنافسة وإرتفاع كلفة الانتاج، فمُني المزارع بالخسائر وطلع “راس براس” إن حظي بوفر من الحظ.

ظنّ يوسف أن الزراعة بوابة نجاته من الازمة الاقتصادية، انشأ خيمة زراعية كفرصة عمل له بعدما تصاعد الحديث عن اهمية الزراعة وأنها السند، غير أن الحقيقة مغايرة، فكلفة الخيمة جاءت اعلى بكثير من انتاجيتها، فبين شراء الشتول بحيث بلغ سعر شتلة البندورة 1500 ليرة، وشراء الادوية لها والتي وصلت كلفتها شهريا 600 الف ليرة، مضافاً اليها شراء المياه بحيث بلغت نقلة المياه 30 الفاً، اي ما يعادل 120 الفاً شهرياً، هذا عدا السماد وكلفته المرتفعة. ويشير يوسف الى “أن المزارع يقع ضحية التاجر الذي يشتري البضائع “بالرخص”، ففي الوقت التي يسجّل فيه سعر كيلو البندورة 4000 و5000 آلاف ليرة، يشتريه التاجر بـ1500 و1750 ليرة لبنانية أي أقل من التكلفة، كل ذلك يضع المزارع على المحك، وهو عاجز عن مواصلة عمله. يؤكد يوسف أنه نادم، خصوصاً وأن الموسم كلّفه ما يقارب الـ5 ملايين ليرة، لم يعطه سوى مليوني ليرة فقط، “فكيف سأكمل الموسم القادم”؟ ويرى أنه “لو حظي المزارعون لا سيما الجدد منهم بدعم حقيقي، لتشجّع الشباب لخوض غمار الزراعة، ولكن يبدو ان الدولة تريد تدمير القطاع برمّته، والا كيف يفسر ترك المزارع وحيداً للتاجر ينهش تعبه”.

في الوقت الذي تسجل فيه أسعار المنتجات الزراعية ارتفاعاً خيالياً، ووصل سعر كيلو الفليفلة الى الـ20 الف ليرة، وباتت تباع بالحبة، والتجار يشترونها من المزارع بـ5000 ليرة اي بالتكلفة، وهذا ما يعتبره يوسف إجحافاً بحقه وبحق كل المزارعين، “ويسرقون تعبنا، فهم يشترون منا الانتاج بالرخص ويبيعونه في سوق سوداء، بحجة ارتفاع التكلفة”، مؤكداً أن “التكلفة مرتفعة علينا وليس على التاجر هذا عدا حرمان السوق المحلي من الانتاج البلدي وتصديره للخارج، كل ذلك يدفع بالوزارة والمعنيين لاعادة النظر بهذا القطاع لأنه آخر بقعة ضوء لنا في ظل ظلام الازمات المحيطة بنا”. يأسف أبو محمد لخوضه غمار الزراعة، كان يعتقد أن الوزارة ستدعم صغار المزارعين والمزارعين الجدد وتشجّعهم، غير أنها قضت على احلامنا. يؤكد أن الزراعة في مهب السرقة، فالكل يريد ان يحقق أرباحاً على حسابنا، مشيراً الى “أنهم شجعونا على الزراعة وكان عليهم على الأقل توفير المياه لنا، غير اننا نضطر لشرائها ما يرفع التكلفة علينا”، ويسأل “أين ذهبت الاسمدة المدعومة ولصالح من اختفت” ويؤكد انه لم يحصل على السماد بالرغم من حصوله على البطاقة التي تخوله ذلك، لأن التجار أخفوه، وباعونا اياه بأسعار السوق السوداء.

على ما يبدو ان القطاع الزراعي في مأزق ايضاً، فالزراعة ليست فقط بذاراً وحسب، بل هي حلقة متكاملة من المواد التي تخضع جميعها للسوق السوداء، ما يعني أن الأسعار ستشهد ارتفاعاً جنونياً جديداً بدأ اليوم. أما المزارع فسيشهد انكساراً جديداً، وعزوفاً عن الزراعة ما لم تتحرّك الوزارة لدعمه ولو بالحدّ الادنى. فهل تفعلها أم تدخل الزراعة بازار السوق السوداء على حساب تعب المزارع؟

 

مصدرنداء الوطن - رمال جوني
المادة السابقةيوم التحركات الاحتجاجية: صرخات الأطباء والموظفين تسبق إضراب الصيادلة وسائقي التاكسي
المقالة القادمةغجر: لدى الموزعين 66 مليون ليتر بنزين و109 ملايين ليتر مازوت