الإدارة والعدل: تعديلات جوهرية ورفض لتغطية تعاميم مصرف لبنان

تعهّدت الحكومة الجديدة، في بيانها الوزاري، «السعي مع مجلسكم الكريم، إلى إقرار قانون حول الكابيتال كونترول». التعهد استكمله الرئيس نجيب ميقاتي، في ختام جلسة تلاوة البيان الوزاري والتصويت على الثقة، بالتمني على «المجلس النيابي الكريم إنهاء هذا الملف في أسرع وقت».

لا أهمية هنا لكون القانون كان يفترض أن يصدر منذ نحو سنتين، أو لكون المجلس نفسه هو الذي لا يزال يماطل في إقراره منذ أن وصل إلى المجلس في أيار 2020، ولم يخرج منه بعد. ولا أهمية لكون ميقاتي واحداً ممن لم يشذّوا عن قاعدة حماية المصارف وكبار المودعين، بالتعاون مع الرئيس نبيه بري ورياض سلامة وحزب المصرف. في المجلس النيابي، يتأرجح المشروع بين لجنة وأخرى، وبين هيئة عامة وأمانة عامة، لتكون النتيجة نفسها: هدر مزيد من الوقت الذي يسمح لمصرف لبنان والمصارف باتخاذ الإجراءات التي تناسبها، سواء عبر تعاميم غير مقيدة بأي قانون، ولا تهدف إلا إلى حماية المصارف على حساب المودعين، أو عبر ضمان حرية المحظيين من المودعين في التصرف بأموالهم خلافاً للمودعين الآخرين.

لكن رغم ذلك، لا يزال القانون يشكل حاجة للبلد، على الأقل لإنهاء الاستنسابية، فأين أصبح المشروع؟

على ما تؤكد الأمانة العامة للمجلس، فإن «اقتراح القانون الرامي إلى وضع ضوابط مؤقتة واستثنائية على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية» صار لديها، بنسختَيه: المقرّة في لجنة المال، والمعدّلة في لجنة الإدارة والعدل.

في المضمون، يتبين أن القانون، نصاً وأسباباً موجبة، أُخضع لتعديلات جوهرية، تصفها مصادر اللجنة بأنها تمنع دخول مجلس النواب في قضايا إجرائية مثل تحديد قيمة السحوبات، مفضّلة وضع أسس عامة. كذلك تعمدت اللجنة في الأسباب الموجبة الإضاءة على مكامن الخلل، فأضافت إليها أن الظروف المالية والاقتصادية والاجتماعية الاستثنائية التي يمر بها لبنان تعود، إضافة إلى عبء الدين العام وأسباب أخرى، إلى «سياسات مصرف لبنان النقدية والمالية وتوظيفات المصارف وإيداعاتها دون أن تأخذ في الاعتبار معايير المخاطر وتوزيعها بشكل متوازن…».

تدخل لجنة الإدارة والعدل في تفاصيل الأضرار التي سببها عدم إصدار القانون، فتشير إلى انخفاض الكتلة النقدية من 40 مليار دولار تقريباً قبل تشرين الأول 2019 إلى 15 مليار دولار اليوم، وتعتبر أن القانون كان يفترض أن يُقَر فور اندلاع الأزمة لحماية هذه الأموال من التعامل الاستنسابي مع المودعين ووضع قيود عليهم بحكم الأمر الواقع من دون أسس قانونية، لكن عدم حصول ذلك كلف البلد خسائر لا تُعوض.

أدخلت «الإدارة والعدل» على نص القانون مصطلح «الأسعار الرائجة للدولار»، لتشير إلى أن على المصارف اعتمادها لتحديد سعر التحويل لكل عملة أجنبية، والمحدد من قبل مصرف لبنان عبر منصة التبادل الحر. تؤكد مصادر اللجنة أن أهم ما أنجزته هو إزالة التغطية القانونية لتعاميم مصرف لبنان. كما تؤكد على وجوب ترك كل المراجعات القضائية السابقة لإصدار القانون، وعدم تغطيتها بأي نص قانوني. لكن أيّ «إنجاز»، إن تحقق في لجنة المال أو لجنة الإدارة، يبقى غير قابل للصرف، ما لم يحوّل رئيس المجلس الاقتراح إلى اللجان المشتركة أو إلى الهيئة العامة. وهو ما لا يتوقع أن يتأخر في حال رُفع الفيتو الذي تفرضه المصارف ومن يمثلها في السلطة، أو في حال وصلت السلطة إلى حائط مسدود لم تعد قادرة بعده على ابتداع الحجج لتأجيل البتّ بالقانون، الذي يشكل مطلباً رئيسياً من مطالب صندوق النقد.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةميزان المدفوعات: ليس بخفض الاستيراد وحده تُحلّ الأزمة
المقالة القادمةتصدير التفاح اللبناني إلى مصر مستمر