الإنفجار الإجتماعي موصول بـ”صاعق” إقتصادي

الارتفاع الهائل في أسعار المحروقات وتداعياته المباشرة على كلفة النقل وتأمين الكهرباء، وبشكل غير مباشر على أسعار السلع والخدمات يعطّل الاقتصاد ويدفع بالأسر إلى الانهيار التام. فسعر صفيحة البنزين ارتفع منذ آذار 2021 وحتى آذار 2022 من 34,500 ليرة إلى 475 ألف ليرة، أي بزيادة مقدارها 440500 ليرة ونسبتها 1276 في المئة. فيما ارتفع سعر المازوت للفترة نفسها من 27500 ليرة إلى 552 ألفاً، أي بمقدار 524000 ليرة وبنسبة 1907 في المئة. هذه الارتفاعات الخطيرة في بلد يعتمد مواطنوه على السيارات الخاصة للوصول إلى أعمالهم، وعلى المولدات الخاصة للإنتاج وإضاءة المنازل، تمتص فعلياً النتائج الايجابية من المساعدات الاجتماعية، وتخفض من فعاليّة تحويلات المغتربين. فالمئة دولار سواء أتت من الخارج أو من المساعدات، لم تعد تكفي لتسديد فاتورة اشتراك 5 أمبير، أو حتى تأمين الوصول لمدة 10 أيام إلى العمل.

مقابل الارتفاع الهائل في الإنفاق الاجتماعي الذي يوزع كزيادات على الرواتب بقيمة تتراوح بين 12 و15 ألف مليار ليرة، وقرض الحماية الاجتماعية بقيمة 246 مليون دولار، والانفاق على الصحة… «تغيب الفعالية عن أنظمة الحماية الاجتماعية»، بحسب عبد الصمد. فالضمان معطل، ومستحقاته البالغة نحو 5000 مليار ليرة مجهولة المصير. كذلك الأمر بالنسبة إلى تعاونية موظفي الدولة وتقديمات شركات التأمين… وبالتالي هذه هي اللحظة المناسبة للانتقال نحو نظام للحماية الاجتماعية الشاملة الذي يغطّي كل المواطنين اللبنانيين وبالقيمة نفسها. فبدلاً من مدّ بعض الأسر بالأموال بشكل مباشر، يمكن تخفيف الأعباء عن كافة المواطنين من خلال تخصيص الأموال لإصلاح الكهرباء وزيادة التغذية. الأمر الذي يوفّر على كل عائلة ما لا يقل عن مليون ليرة شهرياً. والأمر نفسه ينسحب على تأمين النقل العام المشترك الذي يستفيد من تقديماته كل المواطنين وليس شريحة أو فئة معينة.

مقابل اتفاق الجميع على أن المدخل لحلّ الأزمات الاقتصادية، الاجتماعية والنقدية هو سياسي بامتياز، ما زالت السلطة الحاكمة مستفيدة من توغّل وتغوّل النظام الزبائني. ففي ظل غياب الخدمات العامة وترهّل الدولة وتخليها عن مسؤولياتها، يعوّض السياسيون على أزلامهم ومحسوبيهم بالقليل ممّا أخذوه من الدولة، و»يسترجعون ثمن الخدمات بالتجديد لهم في الخدمات»، يقول عبد الصمد.

ومن جهة أخرى، يظهر أن القوى التي تطرح نفسها كبديل عن سلطة الأمر الواقع ليست جاهزة بعد، ولا تقدم خياراً مقنعاً للمواطنين». وبالتالي ثمرة التغيير نضجت ولكن لا يوجد من يقطفها والخوف أن «تهتري وتهر» من دون أن نستفيد منها لإحداث خرق حقيقي في جدار الأزمة السميك.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةمشروع عقد القرض بين سلامة والحكومة: حماية قانونية تجاه تبديد الاحتياطات
المقالة القادمةتدبير إداري لوقف شطب الأُجراء الأجانب من «الضّمان»