الاقتصادات الغنية تكافح لتفكيك الاختناقات التجارية العالمية

تزايدت الضغوط بشكل أكبر على الاقتصادات الغنية لتفكيك الاختناقات التجارية العالمية، والتي أفرزت مشاكل أدت إلى ارتفاع الأسعار وتهدد بعرقلة انتعاش مستويات النمو خلال الفترة المقبلة. ولم يتمكن الموردون من مواكبة ارتفاع الطلب، فالسفن تصطف خارج الموانئ الأميركية بانتظار تفريغ البضائع والتضخم الاستهلاكي الأميركي بقي مرتفعا في سبتمبر الماضي.

وفي الصين، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة، تسببت أزمة الطاقة في تعطيل الإنتاج بعض الشيء وهو ما يهدد فعليا سلاسل الإمداد ويزيد من فترة توقف السفن في الموانئ. وفي ظل ارتفاع أسعار النفط أكثر من 80 في المئة للبرميل الواحد، وهو الأعلى منذ سنوات، قد تضطر العائلات البريطانية إلى الاستغناء عن الديك الرومي في عشاء عيد الميلاد لهذا العام.

وتشكل تحديات العرض العالمي محورا رئيسيا لاجتماعات صندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والتجمع الأصغر لوزراء المالية في دول مجموعة السبع. وأدت القيود التي فرضت للحد من انتشار الوباء إلى إغلاق طرق التصنيع والتجارة بينما لم يتمكن الموردون الذين يواجهون نقصا في العمال وسائقي الشاحنات من مواكبة الارتفاع المفاجئ في الطلب على السلع مع بدء إعادة فتح الاقتصادات بعد الأزمة الصحية.

وأعاقت هذه الاضطرابات التي يخشى بعض السياسيين أن تكون طويلة الأمد زخم الانتعاش، ما دفع صندوق النقد إلى خفض تقديراته لنمو الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا. وقال وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك الذي ترأس اجتماع أغنى دول العالم في واشنطن إن “قضايا سلاسل التوريد يشعر بها كل العالم ويجب على القادة الماليين في جميع أنحاء العالم التعاون لمواجهة تحدياتنا المشتركة”.

ويقدر البنك الدولي نسبة الحاويات المتوقفة في موانئ أو حولها بنحو 8.5 في المئة، أي ضعف ما كانت عليه في يناير الماضي. ويتفق رئيس البنك المركزي الإيطالي إنياتسيو فيسكو وصندوق النقد الدولي وآخرون على أن معظم ضغوط التضخم نجمت عن عوامل قصيرة الأجل مثل ارتفاع الطلب وقضايا العرض.

لكن فيسكو اعترف بأن ذلك “قد يستغرق أشهرا قبل أن يزول”. وقال للصحافيين إن محافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين يدرسون القضية لمعرفة ما إذا كانت هناك “عوامل هيكلية” لارتفاع التضخم بشكل أكبر مما هو متوقع و”ما إذا كانت هناك أي عناصر يمكن أن تصبح دائمة”. ويسعى محافظو البنوك المركزية لدعم الانتعاش بشروط مالية ميسّرة، وذلك بالتزامن مع تجنب حدوث زيادة دائمة في التضخم. وقالت مجموعة العشرين في بيان إن المصارف المركزية “ستتحرك حسب الحاجة” لمعالجة استقرار الأسعار “بينما تبحث في ضغوط التضخم حيث تكون مؤقتة”.

لكن رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس حذر من أن الارتفاع في بعض الأسعار “لن يكون مؤقتا”، وأضاف “سيستغرق الأمر وقتا وتعاونا من صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم لفرزهم”. وتعتقد رئيسة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا أن التأخر في معدلات التطعيم لاحتواء الوباء في الدول النامية يساهم في تقييد الإمداد، وقالت “طالما أن الوباء يتسع فإن خطر حدوث انقطاعات في سلاسل التوريد العالمية سيكون أعلى”.

وفي أكبر اقتصاد في العالم أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء الماضي عن مبادرة لتخفيف الأعمال المتراكمة عبر الدفع باتجاه توفير خدمة متواصلة طوال اليوم في الموانئ ولدى الموردين. وانتزع التزاما بالعمل لساعات أطول من المجموعتين المشغلتين لميناء لوس أنجلس وانترناشيونال لونغشور أند ويرهاوس يونيون وشركات مثل وولمارت وفيديكس ويو.بي.أس.

لكن بايدن رأى أنه يجب وضع سياسات لتقليل الاعتماد على مصادر واحدة وتعزيز الإنتاج المحلي لتجنب صدمات عرض من هذا النوع. وقال “يجب ألا يكون بلدنا -أو اقتصادنا- عاجزا مرة أخرى عن صنع المنتجات الأساسية التي نحتاج إليها لأننا لا نستطيع الوصول إلى المواد التي نحتاج إليها”، مؤكدا “يجب ألا نضطر مرة أخرى إلى الاعتماد بشكل كبير على شركة واحدة أو دولة واحدة”. وهذا الرأي كرره وزير المال الفرنسي برونو لومير الذي قال للصحافيين على هامش الاجتماعات إن “الرد يكمن في كلمة واحدة: الاستقلال”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةميقاتي: لبنان يمر بمرحلة صعبة ونكاد ننتهي من إعداد الأرقام للبدء بمحادثات رسمية مع صندوق النقد
المقالة القادمةمتعهدو المشاريع يريدون مستحقاتهم بالدولار: إلتهام مال الدولة