البقاع الشمالي «تحت الحصار»: تهريب 60 % من حصة الهرمل من الوقود

في الأشهر الماضية، نشطت عصابات التهريب إلى حدٍّ كبير. وتلك العصابات، يقابلها في الجانب السوري عصابات مماثلة، ترتزق كلتاها من الأزمة على حساب السوريين واللبنانيين وعلى حساب العملة الصعبة في البلدين. فالعملة الوحيدة الموثوقة لدى المهرّبين هي «الدولار». فضلاً عن انتشار عصابات القتل والتشليح وازدياد حالات الثأر بين العشائر، مع غياب سطوة الفعاليات، وتوسّع دور الشخصيات الجديدة المتفلّتة في العشائر المتصارعة على ما تبقى من الموارد. ويقوم التجّار باحتكار المواد الغذائية والوقود وتتفلّت الأسعار لتبلغ أرقاماً مرتفعة حتى عن تلك المتداولة في العاصمة بيروت.

في المرحلة الأخيرة، كثّف الجيش اللبناني من إجراءاته بهدف السيطرة على التهريب، فضرب قيوداً مشدّدة على حاجز حربتا الذي يتولّاه اللواء التاسع في الجيش، وراحت مديرية المخابرات تطارد رموز العصابات وتحديداً أولئك المتورّطين بجرائم قتل، مستفيدة من الغطاء السياسي للأحزاب الفاعلة في المنطقة.

في الهرمل تحديداً، وبعد دراسة، تبيّن أن حاجة المنطقة من الوقود لا تتجاوز الـ 100 صهريج بنزين في الأسبوع و750 طنّاً من القمح. وهذه الأرقام لا تتوافق مع الكميّات التي كانت شركات الوقود المختلفة تقوم بنقلها إلى الهرمل، بحيث تجاوز عدد الصهاريج في الشهر الأول من هذا العام 1000 صهريج تقريباً كانت تدخل أسبوعيّاً للهرمل، وحوالى 8000 طن من القمح. أمّا بالنسبة إلى الغاز المنزلي، فتبيّن أن النسبة المطلوبة للهرمل تساوي خُمس الكمية التي كانت الشركات تنقلها إلى المنطقة. وعلى الرغم من تمكّن الجيش من ضبط دخول المواد بشكل كبير، إلّا أن ذلك لم يحُل دون استمرار التهريب، على حساب أهل المنطقة وحاجاتهم. فأجهزة الرقابة التقليدية غائبة كليّاً عن ضبط أسعار السوق أو مراقبة عمليّات تهريب واحتكار حصّة الهرمل هذه المرّة. وعلى ما يؤكّد أكثر من مصدر أمني، فإن ما يزيد عن 60% من حصّة الهرمل من الوقود يتمّ تهريبها نحو الداخل السوري، فيما يتمّ تهريب الأجبان والألبان والمواد الغذائية من سوريا نحو الداخل اللبناني، ما يرفع أسعار الوقود بشكل جنوني.

ووصل سعر صفيحة البنزين في الهرمل في الأيام الماضية، إلى 65 ألف ليرة، و42 ألف ليرة لصفيحة المازوت، لتتعداها إلى 70 ألف ليرة للبنزين و50 ألف ليرة للمازوت في بلدة القصر، قبل أن تبدأ الأسعار بالتضاعف عن سعرها الرسمي في القرى اللبنانية الواقعة خلف الحدود السورية.

وتخضع أيضاً المواد الغذائية المدعومة، لحرب احتكار من قبل تجّار الأزمات في المنطقة، الذين يتحكّمون بالأسواق ويتداولون بأسعار خيالية للدولار يبدأ من 15000 ليرة لبنانية كحدّ أدنى، في سياسة تجويع واضحة لأهالي المنطقة. إلّا أن حصر نشاط الدولة اللبنانية بالأعمال الأمنية التي تتولاها مخابرات الجيش أولاً، ثم فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ثانياً، يُبقي البقاع الشمالي على صفيح ساخن بانتظار خطوات عمليّة من أجهزة الدولة المدنية والأجهزة الرقابية، بينما يسجّل اهتمام لافت بالمنطقة من قِبل الملحقيات الأمنية في غالبية السفارات الغربية، التي تضع عينها على الحدود وتتفرّج على المنطقة بتركيز كامل وخطط تحت عناوين «تنموية».

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةتنافس فرنسي – ألماني: على «سرقة» المرفأ
المقالة القادمةالمبادرات الفردية مدخل لحلّ أزمة الكهرباء بأكلاف قليلة