أشار تقرير البنك الدولي إلى أنّ لبنان يعاني عدم اليقين في ما خصّ الأوضاع الماليّة والنقديّة وتعدّدية سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي كسعر الصرف في السوق الرسمي عند 1515 ليرة لبنانيّة للدولار الأميركي الواحد، وسعر الصرف المدعوم من مصرف لبنان، المطبّق على الواردات الضروريّة وسعر صرف الدولار المتقلّب في السوق السوداء.
بالتوازي، أشار التقرير الى أنّ القطاع المصرفي، والذي كان قد اعتمد تدابير كابيتال كونترول جذريّة وغير رسميّة، أوقف عمليّات التسليف في ظلّ صعوبة في استقطاب رساميل جديدة من الخارج، مشيراً إلى أنّ إيفاء ودائع الزبائن المعَنونة بالدولار الأميركي قبل تشرين الأوّل 2019 ليس هو الحال كما بعد تشرين الأوّل 2019 نظراً الى تراجع مستويات السيولة، ومسلّطاً الضوء على الفرق بين الودائع الطازجة (fresh dollars) والودائع القديمة بالدولار الأميركي. وقد ذكر البنك الدولي أنّ رصيد الودائع بالدولار قبل اندلاع ثورة تشرين الأوّل لا يزال يتراجع من خلال تحويلها إلى الليرة وفقاً للتعميم الأساسي رقم 151، كذلك أشار التقرير الى أنّ تأثير الأزمات على المجتمع سيسوء أكثر مع الوقت، ذاكراً أنّ أكثر من 50% من سكّان لبنان قد أصبح تحت خطّ الفقر، حيث أنّ العائلات تواجه صعوبة لشراء الطعام والإستحصال على خدمات الصحّة والإستشفاء وغيرها من الخدمات الأساسيّة، إضافةً إلى ارتفاع مستويات البطالة.
في التفاصيل، قدّر برنامج الطعام العالمي أنّ حوالى 41% من العائلات اللبنانيّة تواجه تحدّيات في الحصول على الطعام والخدمات الأساسيّة، فيما 36% يعانون الصعوبة في الحصول على خدمات صحيّة. وقد شهدت المعاشات التي تُدفع بالليرة تراجعاً بارزاً في قيمتها الشرائيّة. وبحسب البنك الدولي، إرتفعت مستويات البطالة من 28% مع نهاية شهر شباط 2020 أي قبل مرحلة تفشّي فيروس كورونا إلى 40 % في شهر كانون الأوّل. وعرض البنك الدولي الانكماش الحادّ في النشاط الإقتصادي في العام 2020 حيث تراجعت رخص البناء بنسبة 33,4% سنويّا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2020 وانكمشت تسليمات الإسمنت بنسبة 48,3% خلال الفترة نفسها.
وبحسب البنك الدولي، فإنّ تراجع نفقات الدولة يُعزى بشكلٍ رئيسيّ إلى توقّف دفعات الفوائد المترتّبة على سندات اليوروبوندز نتيجة قرار الحكومة اللبنانيّة بالتوقّف عن دفع هذه السندات في شهر آذار 2020 إضافةً إلى الإتّفاق بين الحكومة ومصرف لبنان حول محفظته من سندات الخزينة. كما يتوقّع البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلّي الإجمالي للإقتصاد اللبناني بنسبة 9,5% في العام 2021، مقارنةً مع انكماش بنسبة 13.2% في تقرير تشرين الأوّل 2020 معلّلاً هذا الإنكماش بعدّة عوامل، منها أزمة تفشّي فيروس كورونا، وغياب أيّ توافق حول معالجة الأوضاع الماكروإقتصاديّة لغاية تاريخه، ومستوى الإستقرار الأدنى المطلوب على الأصعدة السياسيّة والأمنيّة، من دون الأخذ بالاعتبار التضخّم الجامح.
ويعتقد البنك الدولي أنّ الركود الإقتصادي في لبنان صعب وسيستمرّ لفترة طويلة نتيجة غياب قيادة فعّالة لصنع السياسات. كما علّق التقرير أنّ الناتج المحلّي الإجمالي للفرد قد تراجع بنسبة 40% خلال الفترة الممتدة ما بين العام 2018 والعام 2020، ومن المتوقّع أن ينخفض أكثر. وبالتالي، فمن المرجّح أنّ يخفّض البنك الدولي تصنيف لبنان من حيث الدخل من اقتصاد يتمتع بدخل متوسّط أعلى إلى الشريحة الدنيا من الدخل المتوسّط.
كما أشار التقرير إلى أنّ انكماش الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد في لبنان بالإضافة إلى مستويات التضخّم المرتفعة المسجّلة خلال العام 2020 سيؤدّيان إلى ارتفاع كبير في مستويات الفقر، ما سيؤثّر في كافّة طبقات المجتمع اللبناني. أخيراً، حثّ البنك الدولي لبنان على جعل حماية السكانّ الأكثر فقراً أولويّة.