البنوك تقود قاطرة الطلب على الدولار… والاقتصاد “يأكل” نفسه

تقود المصارف التجارية قاطرة الطلب على الدولار. فمع نهاية هذه الشهر يتوجب على الراغبة منها في الاستمرار زيادة رأسمالها بنسبة 20 في المئة، وتأمين 3 في المئة نقداً من قيمة ودائعها بالعملة الأجنبية في المصارف المراسلة في الخارج. ومع اقتراب استحقاق 28 شباط وعدم بروز أي مؤشرات جدية لتأجيل المهل، سارعت البنوك إلى “لَمِّ” الدولار من السوق بشكل مباشر وغير مباشر. وقد دخلت بحسب المتابعين كمضارب شره على شراء المتوفر من العملة الصعبة.

بعدما نامت على حرير تأجيل المهل بسبب ما فرضته كورونا من إقفالات، وأحلامها الوردية بتخفيض الاحتياطي في المصارف المراسلة إلى 2 في المئة نقداً، استفاقت البنوك مع عودة فتح البلد على خيبة أمل. “فالمبالغ الواجب تأمينها نقداً تتجاوز 3.4 مليارات دولار في حال سلمنا جدلاً أن الباقي من ودائع الدولار يقدر بحوالى 114 ملياراً”، يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي نيكولا شيخاني.”وبالنظر إلى عدم كفاية المبالغ النقدية من العملة الصعبة في خزائنها، حتى بالنسبة إلى تلك التي باعت أصولها في الخارج، فان الحاجة إلى السيولة ترتب عليها الدخول إلى السوق شارية الدولار ولو بخسارة، فقط من أجل تلبية مؤشر أداء مقياس النجاح (KPI, Key Performance Indicator). وذلك على حساب قدرة المستوردين على تأمين الدولار.

الأمر الذي ساهم في ارتفاع سعر صرف الدولار”. وبحسب شيخاني فانه “من المنتظر أن يستمر طلب البنوك على الدولار لغاية نهاية هذا الشهر، بعملية تشبه Self-cannibalism، أي إن الاقتصاد يأكل ذاته. فمن جهة الـ 3 في المئة المطلوب تأمينها نقداً من المصارف، لا تشكل نقطة في بحر أزمة القطاع المصرفي، ولا تقدم ولا تؤخر في حل مشكلته. وسحبها من السوق سيؤثر من جهة الثانية، على سعر الصرف، وبالتالي على أسعار مختلف السلع والخدمات التي سترتفع بشكل كبير جداً”. المؤسف بحسب شيخاني أن “هذه العملية المدمرة تتم على مرأى من مصرف لبنان وتجاوزه للمادة 70 من قانون النقد والتسليف”. حيث تنوط هذه المادة بـ “المركزي” مهمّة المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم وتتضمن بشكل خاص: المحافظة على سلامة النقد اللبناني، والاستقرار الاقتصادي، وسلامة أوضاع النظام المصرفي. وعلى الرغم من تيقن المركزي من أن يد المصارف ستمتد على دولار السوق، وتؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي، “فقد أصرّ على تأمين البنوك هذه النسبة، فقط من أجل المحافظة على سياسته، التي تهدف إلى اظهار المصارف بمظهر المتعافي في الشكل”، يقول شيخاني.

ما يحدث اليوم وسيحدث في المستقبل هو النتيجة المباشرة لتغييب الاصلاحات، وعدم الاتفاق على خطة موحدة لتحديد الخسائر وتقسيمها والبدء بالمعالجة. وما محاولة كل طرف “شد اللحاف لصوبه” وحماية رأسه، سوى إمعان في ضرب أسس الدولة واقتصادها الذي بدأ يأكل نفسه.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالعراق يبحث عن مستثمرين عالميين لبناء محطات طاقة شمسية بقدرة 750 ميغاواط
المقالة القادمةهل يقترح وزير المالية نقاشاً جديداً لعمل شركة التدقيق الجنائي؟